وَ زَادَ فِيِ الآخِرَةِ خَيْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الآخِرَةِ وَ زَادَ في الدُّنْيَا. فَكَمْ مِنْ مَنْقُوصٍ رَابِحٍ وَ مَزِيدٍ خَاسِرٍ! إِنَّ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ أَوْسَعُ مِنَ الَّذِي نُهِيْتُمْ عَنْهُ وَ مَا أُحِلَّ لَكُمْ أَكْثَرُ مِمَّا حُرّمَ عَلَيْكُمْ. فَذَرُوا مَا قَلَّ لِمَا كَثُرَ، وَ مَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ. قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ بِالرّزْقِ وَ أُمِرْتُمْ بِالْعَمَلِ فَلا يَكُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَكُمْ طَلَبُهُ أَوْلَى بِكُمْ مِنَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْكُمْ عَمَلُهُ، مَعَ أَنَّهُ وَ اللَّهِ لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّكُّ وَ دَخِلَ الْيَقِينُ، حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي ضُمِنَ لَكُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَ كَأَنَّ الَّذِي قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ قَدْ وُضِعَ عَنْكُمْ. فَبَادِرُوا الْعَمَلَ، وَ خَافُوا بَغْتَةَ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ لَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الْعُمُرِ مَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الرِّزْقِ. مَا فَاتَ الْيَوْمَ مِنَ الرّزْقِ رُجِيَ غَداً زِيَادَتُهُ. وَ مَا فَاتَ أَمْسِ مِنَ الْعُمُرِ لَمْ يُرْجَ اليَوْمَ رَجْعَتُهُ. الرَّجَاءُ مَعَ الْجَائي، وَ الْيَأْسُ مَعَ الْمَاضِي. فَ «اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَ لَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».
و من خطبة له (ع) (115)
فِي الْاسْتسقَاء
اللَّهُمَّ قَدِ انْصَاحَتْ جِبَالُنَا، وَ اغبْرَّتْ أَرْضُنَا، وَ هَامَتْ دَوَابُّنَا. وَ تَحَيَّرَتْ في مَرَابِضِهَا، وَ عَجَّتْ عَجِيجَ الثَّكَالَى عَلَى أَوْلادِهَا، وَ مَلَّتِ التَّرَدُّدَ فِي مَرَاتِعِهَا، وَ الْحَنِينَ إِلَى مَوَارِدِهَا! اللَّهُمَّ فَارْحَمْ أَنِينَ الْآنَّةِ، وَ حَنِينَ الْحَانَّةِ! اللَّهُمَّ فَارْحَمْ حَيْرَتَهَا فِي مَذَاهِبِهَا، وَانِينَهَا فِي مَوَالِجِهَا! اللَّهُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكَ حِين اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا حَدَابِيرُ السّنِينَ، وَ أَخْلَفَتْنَا مَخَايِلُ الْجَوْدِ. فَكُنْتَ الرَّجَاءَ لِلْمُبْتَئِسِ، وَ الْبَلَاغَ لِلْمُلْتَمِسِ.