أَرْسَلَهُ بِأَمْرِهِ صَادِعاً، وَ بِذِكْرِهِ نَاطِقاً، فَأَدَّى أَميناً، وَ مَضَى رَشِيداً، وَ خَلَّفَ فِينَا رَايَةَ الْحَقّ، مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا زَهَقَ، وَ مَنْ لَزِمَهَا لَحِقَ، دَلِيلُهَا مَكِيثُ الْكَلَامِ بَطِيءُ الْقِيَامِ، سَرِيعٌ إِذَا قَامَ. فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَهُ رِقَابَكُمْ، وَ أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِكُمْ، جَاءَهُ الْمَوْتُ فَذَهَبَ بِهِ، فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللَّهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ وَ يَضُمُّ نَشْرَكُمْ، فَلا تَطْمَعُوا فِي غَيْرِ مُقْبِلٍ، وَ لَا تَيْأسُوا مِنْ مُدْبِرٍ فَإِنَّ الْمُدْبِرَ عَسَى أَنْ تَزِلَّ بِهِ إِحْدَى قائِمَتَيْهِ، وَ تَثْبُتَ الْأُخْرَى، فَتَرْجِعَا حَتَّى تَثْبُتَا جَمِيعاً.
أَلَا إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله، كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ: إِذَا خَوَى نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللَّهِ فِيكُمُ الصَّنَائِعُ، وَ أَرَاكُمْ مَا كُنْتُمْ تَأْمُلُونَ.
و من خطبة له (ع) (101)
و هي إحدى الخطب المشتملة على الملاحم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ كُلّ أَوَّلٍ، وَ الآخِرِ بَعْدَ كُلّ آخِرٍ، وَ بِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لَا أَوَّلَ لَهُ، وَ بِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لَا آخِرَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلا اللَّهُ شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السّرُّ الْإِعْلَانَ، وَ الْقَلْبُ اللّسَانَ.
أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي وَ لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ عِصْيَانِي، وَ لَا تَتَرامَوْا بِالْأَبْصَارِ عِنْدَمَا تَسْمَعُونَهُ مِنّي، فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذِي أُنَبّئُكُمْ بِهِ عَنِ النَّبِيّ الْأُمّيّ صلى الله عليه و آله، مَا كَذَبَ الْمُبَلّغُ، وَ لَا جَهِلَ السَّامِعُ. لَكَأَنّي أَنْظُرُ إِلَى ضِلّيلٍ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَفَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ. فَإِذَا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَاشْتَدَّتْ شَكِيمَتُهُ،