كَظَهْرِ الْحَنِيَّةِ عَجَزَ الْمُقَوّمُ، وَ أَعْضَلَ الْمُقَوَّمُ.
أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ، الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، الُمخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، الْمُبْتَلَى بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ. صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللَّهَ وَ أَنْتُمْ تَعْصُونَهُ، وَ صَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّهَ وَ هُمْ يُطِيعُونَهُ. لَوَدِدْتُ وَ اللَّهِ أَنّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَني بِكُمْ صَرْفَ الدّينَارِ بِالدّرْهَمِ، فَأَخَذَ مِنّي عَشَرَةً مِنْكُمْ وَ أَعْطَانِي رَجُلًا مِنْهُمْ!
يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلَاثٍ وَ اثْنَتَيْنِ: صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ، وَ بُكمٌ ذَوُو كَلامٍ، وَ عُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ، لَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللّقَاءِ وَ لَا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ البَلاءِ! تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ! يَا أَشْبَاهَ الْأبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا! كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ، وَ اللَّهِ لَكَأَنّي بِكُمْ فِيَما إِخَالُكُمْ: أنْ لَوْحَمِسَ الْوَغَى، وَ حَمِيَ الضّرَابُ، وَ قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا. وَ إِنّي لَعَلَى بَيّنَةٍ مِنْ رَبّي، وَ مِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيّي، وَ إِنّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً.
اصحاب رسول اللَّه
انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ، فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى، وَ لَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدوا وَ إِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا. وَ لَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَ لَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا. لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ! لَقَدْ كانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً؛ وَ قَدْ باتُوا سُجَّداً وَ قِيَاماً، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ وَ يَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهمْ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنَ طُولِ سُجُودِهِمْ! إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ، وَ مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرّيحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَ رَجَاءً لِلثَّوَاب!