و منها في ذكر الرسول صلى الله عليه و آله
مُسْتَقَرُّهُ خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ، وَ مَنْبِتُهُ أَشْرَفُ مَنْبِتٍ، فِي مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ، وَ مَمَاهِدِ السَّلَامَةِ؛ قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَهُ أَفْئِدَةُ الْأَبْرَارِ، وَ ثُنِيَتْ إِلَيْهِ أَزِمَّةُ الْأَبْصَارِ، دَفَنَ للَّهُ بِهِ الضَّغَائِنَ، وَ أَطْفَأَ بِهِ الثَّوَائِرَ، أَلَّفَ بِهِ إِخْوَاناً، وَ فرَّقَ بِهِ أَقْرَاناً، أَعَزَّ بِهِ الذّلَّةَ، وَ أَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ، كَلَامُهُ بَيَانٌ، وَ صَمْتُهُ لِسَانٌ.
و من خطبة له (ع) (97)
في أصحابه و أصحاب رسول اللَّه
اصحاب علي
وَ لِئنْ أَمْهَلَ الظَّالِمَ فَلَنْ يَفُوتَ أَخْذُهُ، وَ هُوَ لَهُ بِالْمِرْصَادِ عَلَى مَجَازِ طَرِيقِهِ، وَ بِمَوْضِعِ الشَّجَا مِنْ مَسَاغِ ريقِهِ. أَمَا وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَيَظْهَرَنَّ هؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ، لَيْسَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقّ مِنْكُمْ، وَ لكِنْ لِإِسْرَاعِهِمْ إِلَى بَاطِلِ صَاحِبِهِمْ، وَ إِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقّي. وَلَقَدْ أَصْبَحَتِ الْأُمَمُ تَخَافُ ظُلْمَ رُعَاتِها، وَ أَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتي.
اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا، وَ أَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا، وَ دَعَوْتُكُمْ سِرًّا وَجَهْرَا فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا، وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا، أَشُهُودٌ كَغُيَّابٍ، وَ عَبِيدٌ كَأَرْبابٍ! أَتْلُو عَلَيْكُمُ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ مِنْهَا، وَ أَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا، وَ أَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلي حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرّقِينَ أَيَادِي سَبَا. تَرْجِعُونَ إِلَى مَجَالِسِكُمْ وَ تَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ، أُقَوّمُكُمْ غُدْوَةً، وَ تَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً،