و من خطبة له (ع) (88)
و فيها بيان للأسباب التي تهلك الناس
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْصِم جَبَّارِي دَهْرٍ قَطُّ إِلَّا بَعْدَ تَمْهِيلٍ وَ رَخَاءٍ؛ وَ لَمْ يَجْبُرْ عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ؛ وَ فِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ وَ مَا اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ! وَ مَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ، وَ لَا كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيع؛ وَ لَاكُلُّ نَاظِرٍ بِبَصِيرٍ، فَيَاعَجَباً! وَ مَا لِي لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا! لَا يَقْتَصُّونَ أَثَرَ نَبِيّ، وَ لَا يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيّ، وَ لَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ، وَ لَا يَعِفُّونَ عَنْ عَيْبٍ، يَعْمَلُونَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَ يَسِيِرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ. الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا، و الْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا، مَفْزَعُهُمْ فِي الْمُعْضِلَاتِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَ تَعْوِيلُهُمْ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى آرَائِهِمْ، كَأَنَّ كُلَّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِيَما يَرَى بِعُرًى ثِقَاتٍ، وَ أَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ.
و من خطبة له (ع) (89)
في الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و بلاغ الإمام عنه
أرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَ طُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَ اعْتِزَامٍ مِنَ الْفِتَنِ، وَ انْتِشَارٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَ تَلَظّ مِنَ الْحُرُوبِ، وَ الدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّور، ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ؛