وَ إِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، ذَاتِ الطُّولِ وَ الْعَرْضِ، قِيْدُ قَدّهِ، مُتَعَفّراً عَلَى خَدّهِ.
الآنَ عِبَادَاللَّهِ وَ الْخِنَاقُ مُهْمَلٌ، وَ الرُّوحُ مُرْسَلٌ، فِي فَيْنَةِ الإِرْشَادِ، وَ رَاحَةِ الْأَجْسَادِ، وَ بَاحَةِ الْاحْتِشَادِ، وَ مَهَلِ الْبَقِيَّةِ، وَ أُنُفِ الْمَشِيَّةِ، وَ إِنْظَارِ التَّوْبَةِ، وَ انْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ، قَبْلَ الضَّنْكِ وَ الْمَضِيقِ، وَ الرَّوْعِ وَ الزُّهُوقِ وَ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ وَ اخْذَةِ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرِ.
قال الشريف: و في الخبر: أنه لما خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود، و بكت العيون، و رجفت القلوب. و من الناس من يسمي هذه الخطبة: «الغراء».
و من خطبة له (ع) (84)
في ذكر عمرو بن العاص
عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ! يَزْعُمُ لِأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً، وَ أَنّي امْرُوءٌ تِلْعَابَةٌ: أُعَافِسُ وَ أُمَارِسُ! لَقَدْ قَالَ بَاطِلًا، وَ نَطَقَ آثِماً. أَمِا- وَ شَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ- إِنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ، وَ يَعِدُ فَيُخْلِفُ، وَ يُسْأَلُ فَيَبْخَلُ، وَ يَسْأَلُ فَيُلْحِفُ، وَ يَخُونُ الْعَهْدَ، وَ يَقْطَعُ الْإِلَّ؛ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ! مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا، فَإِذَا كَانَ ذلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكِيدَتِهِ أَنْ مَنَحَ الْقِرْمَ سُبَّتَهُ. أَمَا وَ اللَّهِ إِنّي لَيمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ، وَ إِنَّهُ لَيمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْحَقّ نِسْيَانُ الآخِرَةِ، إِنهُ لَمْ يُبَايِعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ أَتِيَّةً، وَ يَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْكِ الدّينِ رَضِيخَةً.