وعن الثالث: بأنّا نلتزم بأنّ «من» و «ما» و «أيّ»
الاستفهاميّة من أفراد المطلق.
ومع ذلك يمكن تعريفهما بطريق أوضح وأسهل، فيقال إنّ المطلق ما لا قيد فيه من
المعاني أو الألفاظ، والمقيّد ما فيه قيد، فالمطلق في مصطلح الاصوليين نفس ما ذكر
في اللغة وهو ما يكون مرسلًا وسارياً بلا قيد.
ثمّ إنّ الإطلاق والتقييد أمران إضافيان، لأنّه ربما يكون معنى مقيّداً
بالنسبة إلى معنى آخر وفي نفس الوقت يعدّ مطلقاً بالنسبة إلى معنى ثالث، كالرقبة
المؤمنة، فإنّها مقيّدة بالنسبة إلى مطلق الرقبة بينما هي مطلقة بالنسبة إلى
الرقبة المؤمنة العادلة.
كما أنّهما ليسا أمرين خارجيين، بل هما من الامور الذهنية، والتقابل بينهما
تقابل العدم والملكة فالمطلق ما من شأنه أن يكون مقيّداً وبالعكس.
إذا عرفت هذا فلنشرع في مباحث المطلق والمقيّد في ضمن امور:
1. أنحاء الإطلاق
سيأتي أنّ المطلق يفيد العموم والشمول ببركة مقدّمات الحكمة، وهذا الشمول على
ثلاثة أقسام، لأنّه قد يكون بدلياً وقد يكون استغراقياً وقد يكون مجموعياً.
فلا يصحّ ما ربما يتوهّم من أنّ المطلق إنّما يدلّ على الشمول البدلي دائماً،
لأنّ كلمة البيع أو الماء مثلًا في قوله تعالى: «أَحَلَّ اللَّه الْبَيْعَ»[1]، وقوله عليه السلام: