ثمّ إنّه لا ثمرة لهذا النزاع، حتّى لو فرضنا عدم شمول الخطاب للمعدومين،
فإنّه لا ريب في شمول التكليف لهم لوجود أدلّة الاشتراك في التكليف، ولا حاجة في
ثبوت التكليف إلى توجيه الخطاب إليهم ولا ملازمة بين الأمرين.
9. إذا تعقّب العامّ ضمير يرجع إلى البعض
إذا تعقّب العامّ ضمير يرجع إلى بعضه، فهل يوجب ذلك تخصيصه أو لا؟ وقد اشتهر
التمثيل لذلك بقوله تعالى:
«وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ
لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ
يُؤْمِنَّ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ
فِي ذَلِكَ»[1] فالضمير
في بعولتهنّ راجع إلى خصوص الرجعيات من المطلّقات لا إلى المطلّقات مطلقاً حتّى
البائنات، فهل عود الضمير إلى بعض أفراد المطلّقات ممّا يوجب تخصيصها به ويكون
المراد منها هو خصوص الرجعيّات فيختصّ التربّص والعدّة بهنّ فقط، أو لا يوجب ذلك
بل المراد منها مطلق المطلّقات.
وبعبارة اخرى: هل نأخذ بأصالة العموم فلا يوجب إرجاع الضمير
إلى البعض تخصيص المطلّقات، أو نأخذ بأصالة عدم الاستخدام فيكون إرجاعه إلى البعض
موجباً للتخصيص؟ فيه أقوال:
أوّلها: تقديم أصالة العموم والالتزام بالاستخدام [2].
ثانيها: تقديم أصالة عدم الاستخدام والالتزام
بالتخصيص [3].
ثالثها: عدم جريان كليهما، أمّا أصالة عدم الاستخدام
فلاختصاص مورد جريانها بما إذا كان الشكّ في المراد، فلا تجري فيما إذا شكّ في
كيفية الإرادة مع القطع بنفس المراد كما هو الحال في جميع الاصول اللفظيّة، وأمّا
عدم جريان أصالة العموم