موضوعاً للحكم من دون أن يكون توصيفاً لشيء؛ سواء كان مشتقّاً أو جامداً،
وسواء كان نكرة أو معرفة، ولا مفهوم له عند الكلّ؛ لأنّه إنّما يثبت شيئاً لشيء،
ومن الواضح أنّ إثبات الشيء لا يكون نفياً لما عداه [1].
طريق الوصول إلى مهمات علم الأصول(أصول الفقه بأسلوب حديث و آراء جديدة) ؛ ج1
؛ ص315
م، ربما يتوهّم ثبوت المفهوم له ببيان إنّه إذا قال المولى مثلًا: «أكرم
زيداً» يستفاد منه عرفاً عدم كفاية إكرام عمرو.
ولكنّه مندفع بأنّ عدم كفاية عمرو في المثال ليس من باب المفهوم، بل إنّما هو
من باب عدم الإتيان بالمأمور به، لأنّ التكليف تعلّق بإكرام زيد لا عمرو، كما أنّه
كذلك في مثل الأوقاف والوصايا والنذور، فإنّ عدم شمول الحكم فيها لغير المتعلّق
ليس من باب المفهوم، بل لأنّ الوصية مثلًا تحتاج إلى الإنشاء، والإنشاء تعلّق
بمورد خاصّ لا غير.
مضافاً إلى أنّ الواقف أو الموصي أو الناذر إنّما يكون في مقام التحديد
والإحتراز، وقد ذكرنا أنّه كلّ ما كان في مقام الاحتراز من القيود والأوصاف
والألقاب فله مفهوم.
6. مفهوم العدد
المشهور على أنّه لا مفهوم للعدد [2]، والصحيح هو التفصيل بين ذكر العدد في مقام التحديد وبين
غيره، كما إذا كان مذكوراً للتكثير كقوله تعالى: «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ
يَغْفِرَ اللَّه لَهُمْ»[3]، وفي هذا القسم لا مفهوم للعدد بلا إشكال، بخلاف ما يكون
[1]. الذريعة إلى اصول الشريعة، ج 1،
ص 394؛ هداية المسترشدين، ج 2، ص 590؛ كفاية الاصول؛ ص 212؛ المستصفى من علم
الاصول، ج 2، ص 204؛ الإحكام للآمدي، ج 3، ص 95. وقد حكي الخلاف في ذلك عن أبي بكر
الدقّاق وبعض الحنابلة، انظر: معارج الاصول، ص 70؛ قوانين الاصول، ج 1، ص 191