«الرزق» منه تعالى، وكذلك في عنوان
«الخالق» وغيره من صفات الفعل ولهذا يقال بحدوث صفات الفعل بمعنى أنّ الانتزاع
العقلي لهذه الصفات من الأفعال حادث بحدوث الفعل، فلا يرد إشكال من ناحية قدم
الذات مع حدوث الصفات.
نعم القدرة على فعل الخلق أو الرزق قديم، إلّاأنّ مفهوم القادر غير مفهوم
الخالق والرازق، ومحلّ النزاع في المقام إنّما هو الصفات المنتزعة من نفس هذه
الأفعال، لا صفة القدرة عليها.
7. تعيين مبدأ المشتقّات
وقع الخلاف بين الأعلام في أنّ المبدأ للمشتقّات هل هو «المصدر» كما قال به
البصريون أو «الفعل» كما نقل عن الكوفيين [1].
وقد اورد على القول الأوّل: أنّ المصدر
مشتمل على مادّة وصورة من حيث لفظه، وحدث ونسبة من حيث المعنى، ويستحيل أن يكون
مثله مبدأ لبقيّة المشتقّات إذ لابدّ وأن يكون المشتقّ مشتملًا على المبدأ مع شيء
زائد، والمصدر مباين مع بقيّة المشتقّات لفظاً ومعنى.
ولكن يرد عليه، أوّلًا: أنّ المراد من
الأصل هو أوّل ما وضع في المشتقّات ثمّ اخذ منه الباقي، ولا يخفى أنّ اللفظ يحتاج
إلى هيئةٍ مّا، ولا يمكن وضعه بدونها لأنّ الوضع لا محالة يتعلّق بصيغة خاصّة
وتركيب خاصّ لا بحروف مقطّعة منثورة.
وثانياً: لقائل أن يقول: إنّه لا دلالة للهيئة في
المصدر على معنى خاصّ، بل إنّها لمجرّد إمكان التلفّظ به، فلا تفيد الهيئة فيه
معنى خاصّاً غير ما تفيده مادّته وإن كان اللازم علينا عند التكلّم به الاحتفاظ
بتلك الهيئة لأنّه أمر سماعي لا يجوز التخلّف عنه، كما أنّه لا نسبة في المصدر إلى
شيء.
وأمّا القول الثاني: ففيه أنّه يستلزم زيادة
الأصل على الفرع لأنّ في الفعل زيادة
[1]. انظر: شرح الرضي رحمه الله على
الكافية، ج 3، ص 399