قوله تعالى: «أَتَى أَمْرُ اللَّه»[1]، أي أتى أمره
التكويني بالعذاب.
إذا عرفت هذا فلنذكر حول مادّة الأمر بالمعنى الأوّل أمرين:
1. هل العلوّ أو الاستعلاء فيه شرط؟
والأقوال فيه خمسة: اعتبار العلوّ فقط [2]، اعتبار الاستعلاء فقط [3]، اعتبار العلوّ والاستعلاء معاً [4]، كفاية أحدهما [5]، عدم اعتبار
شيء منهما [6].
والمراد من العلوّ: أن يكون المتكلّم الآمر في مقام عالٍ؛ إمّا ظاهرياً كما في
أوامر فرعون، أو معنوياً كما في أوامر الأنبياء.
والمراد من الاستعلاء: التكلّم والأمر عن مقام عالٍ، والأمر أو النهي عن منصب
عالٍ- لا عن موضع الشفيع أو الناصح أو الصديق- سواء كان له مقام عالٍ خارجاً أو لم
يكن، فالعلوّ يغاير الاستعلاء، وربّ عالٍ ليس بمستعلٍ وبالعكس.
ويظهر في بادئ النظر: أنّ كليهما مأخوذان في المعنى، فلذلك يقال لمن أمر من
دون أن يكون له علوّ: «ما شأنك حتّى تأمرني وأنا أعلى منك» ويصحّ من القائل
[2]. وهو مختار السيّد المرتضى، لنظر:
الذريعة إلى اصول الشريعة، ج 1، ص 35؛ وارتضاه جماعة من الأعلام، انظر كفاية
الاصول، ص 63؛ فوائد الاصول، ج 1، ص 128- 129؛ نهاية الدراية، ج 1، ص 258، ونسبه
في مفاتيح الاصول، ص 109 إلى جمهور المعتزلة وعدّة من الأشاعرة.
[3]. وهو خيرة جمع منهم المحقّق و
العلّامة رحمهما الله، لاحظ: معارج الاصول، ص 62؛ مبادي الوصول، ص 90 واختاره
الفخر الرازي في المحصول، ج 2، ص 16 ونسب إلى جميع النحاة وعلماء البيان انظر:
مفاتيح الاصول، ص 108
[4]. تهذيب الاصول، ج 1، ص 187، ونسبه
في هداية المسترشدين، ج 1، ص 577 إلى بعض المتأخّرين