لا فرق في جريان النزاع بين القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة وعدمه وبين أن تكون
الألفاظ مجازات في المعاني الشرعيّة أو حقائق فيها أو في المعاني اللغويّة.
وذلك لأنّ المعنى الحقيقي أو المجازي هنا يشتمل على أجزاء وشرائط على كلّ حال
ويتصوّر فيها الصحيح والفاسد، فيجري النزاع فيها حتّى على القول بأنّ «الصلاة» في
استعمالات الشرع مثلًا يراد منها الدعاء، فإنّه لا إشكال في أنّ هذا الدعاء في هذه
الاستعمالات مقيّد بقيود خاصّة معتبرة في الصلاة، فيتصوّر فيها الصحيح والأعمّ؛ أي
الجامع للشرائط والأجزاء، والفاقد لبعضها.
2. معنى الصحّة والفساد
ونكتفي فيه ببيان معنى الصحّة حتّى يعرف منها معنى الفساد أيضاً؛ فإنّ الأشياء
تعرف بأضدادها.
وقد ذكر للصحّة معانٍ مختلفة:
أوّلها: إسقاط الإعادة والقضاء، وهذا منسوب إلى
الفقهاء [1].
ثانيها: موافقة الأمر، وهو منسوب إلى المتكلّمين [2].
ولا يخفى عدم تماميّة شيء منهما، لأنّ كلّاً منهم أخذ بلوازم الصحة المطلوبة
له.
ثالثها: التماميّة كما ذكره المحقّق الخراساني [3]، وهو أيضاً غير
تامّ؛ لأنّه مبهم لم يعيّن فيه حيثيّة التماميّة وجهتها، فهل المراد التماميّة من
ناحية الأجزاء أو من جهة الأجزاء والشرائط، أو من جهات اخرى؟
رابعها: الجامعية للأجزاء والشرائط، وهو المعروف بين
من تأخّر عن المحقّق
[1]. انظر: جامع المقاصد، ج 2، ص 124؛
جواهر الكلام، ج 16، ص 330.
[2]. المستصفى من علم الاصول، ج 1، ص
94- 95؛ الإحكام في اصول الأحكام، ج 1، ص 130