الكناية عبارة عن ذكر اللازم وإرادة الملزوم أو بالعكس، وتكون الإرادة
الاستعماليّة فيها غير الإرادة الجدّية، ففي مثال «زيد كثير الرماد» تعلّقت
الإرادة الاستعماليّة بأنّ الرماد كثير في دار زيد، ولكن الإرادة الجدّية تعلّقت
بسخاوة زيد.
وإذا كان الأمر فيها كذلك وكان المجاز والكناية في غاية القرابة، بل يمكن
إدخالهما تحت عنوان واحد وهو استعمال اللفظ وإرادة غير الموضوع له في الإرادة
الجدّية، فلا مانع من أن يكون الأمر في المجازات أيضاً كذلك.
صحّة الاستعمالات المجازية هل هي بالوضع أو بالطبع؟
قال المحقّق الخراساني رحمه الله: «الأظهر إنّها بالطبع بشهادة الوجدان بحسن
الاستعمال فيه إذا كان مناسباً ولو مع منع الواضع عنه وباستهجان الاستعمال فيما لا
يناسبه ولو مع ترخيصه ولا معنى لصحّته إلّا حسنه» [1].
أقول: إنّ ما اختاره هو الحقّ الحقيق بالتصديق ويمكن
أن يستدلّ له مضافاً إلى ماأفاده بأنّ المجازات في جميع الألسنة واللغات متشابهة
متسانخة، مع أنّه لو كان الاستعمال المجازي متوقّفاً على إذن الواضع كانت وحدة المجازات
في الألسنة المختلفة بعيدة جدّاً؛ لعدم إمكان التواطؤ من ناحية الواضعين في طيّ
القرون والأعصار، القاطنين في شتّى البلاد والأمصار.
الأمر الثالث: في علائم الحقيقة والمجاز
ذكر علماء الاصول والأدب لتشخيص الحقيقة عن المجاز علائم يحتاج الفقيه إليها
في معرفة ظواهر الألفاظ، وهي من أهمّ مباحث الألفاظ وأتمّها آثاراً في الفقه
والتفسير والحديث وغيرها فتكون من المباحث الرئيسية في فهم معاني الألفاظ الواردة
في الكتاب والسنّة، وهي امور: