الأوّل: أن يكون المعنى المتصوّر مفهوماً عامّاً،
أيمعنىً كلّياً، ويوضع اللفظ بإزاء نفس ذلك المفهوم، فيكون الوضع- أي المعنى
المتصوّر- عامّاً والموضوع له أيضاً عامّاً.
الثاني: أن يكون الوضع والموضوع له كلاهما خاصّين.
الثالث: أن يتصوّر معنىً عامّاً ويضع اللفظ لمصاديقه،
فيكون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً.
ولا كلام في إمكان هذه الأقسام الثلاثة، كما لا إشكال في وقوع القسم الأوّل
والثاني في الخارج، فمن القسم الأوّل أسماء الأجناس، ومن الثاني الأعلام الشخصيّة،
وأمّا القسم الثالث فالمشهور وقوعه خارجاً، وعدّوا من مصاديقه المعاني الحرفيّة
وما شابهها، وسيأتي تحقيقه.
الرابع: أن يتصوّر معنىً جزئياً ويضع اللفظ لكلّيه،
كأن يتصوّر زيداً مثلًا ويضع اللفظ للإنسان، فيكون الوضع عامّاً والموضوع له
خاصّاً.
والمشهور استحالة هذا القسم وهو الصحيح؛ لأنّ الخاصّ من حيث كونه خاصّاً لا
يكون مرآة للعامّ وعنواناً له بخلاف العكس، فإنّ العامّ شامل لأفراده ووجه لها.
4. تحقيق حول المعاني الحرفية
اختلفوا في المعنى الحرفي على أقوال:
الأوّل: إنّ الحروف لا معاني لها، بل هي علامات
للمعاني الإسميّة كالإعراب في الكلمات المعربة، فكما أنّ الرفع مثلًا علامة
للفاعل، والنصب علامة للمفعول، كذلك الحروف، فكلمة «من» مثلًا علامة لابتداء السير
في جملة «سرت من البصرة إلى الكوفة» و «إلى» علامة لانتهائه [1].
[1]. هذا القول منسوب إلى رضي الدين
الإسترآبادي، لكن بعد التأمّل وإمعان النظر فيما ذكره يستفاد موافقته للقول
الخامس. انظر: شرح الكافية، ج 1، ص 37