هل يجب الاقتصار على المرجّحات المنصوصة وهي الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة
العامّة، أو يتعدّى منها إلى غيرها كموافقة الأصل أو موافقة الإجماع المنقول؟ فيه
قولان:
1. جواز التعدّي وهو ما ذهب إليه الشيخ الأعظم رحمه الله وحكى الإجماع عليه [1].
2. عدم جواز التعدّي وهو ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه الله، وتبعه الآخرون [2].
والحقّ هو الثاني لأنّه هو مقتضى إطلاقات
التخيير، حيث إنّها تقتضي التخيير في كلّ حال إلّاما خرج بالدليل، وما خرج بالدليل
إنّما هو ذو المزيّة بالمزايا المنصوصة فقط؛ فإنّه لو وجب التعدّي عن المرجّحات
المنصوصة إلى كلّ مزية توجب أقربية ذيها إلى الواقع لبيّن الإمام عليه السلام من
الأوّل بنحو الضابطة الكلّية أنّه يجب الأخذ بالأقرب من الخبرين إلى الواقع من دون
حاجة إلى ذكر تلك المرجّحات المخصوصة واحداً بعد واحد كي يحتاج السائل إلى إعادة
السؤال مرّة بعد مرّة، اللهمّ إلّاأن يقال: هذا من باب ذكر المثال.
ولكنّه خلاف ظاهر تلك الأخبار، مضافاً إلى أنّه لو وجب التعدّي لما صحّ أن
يأمر الإمام عليه السلام بعد ما فرض السائل تساوي الطرفين في جميع ما ذكر من
المرجّحات المنصوصة بالإرجاء حتّى تلقى إمامك، بل كان يأمره بالترجيح بسائر
المرجّحات الموجبة لأقربية أحدهما إلى الواقع.