وأمّا العامّ والخاصّ فلما يأتي في مبحث العامّ والخاصّ إذا كان الخاصّ
منفصلًا كما هو موضوع البحث في المقام، من أنّهما من قبيل المتعارضين المتضادّين
عند العرف سواء صدر العامّ على نهج الجملة الخبريّة أو الجملة الإنشائيّة، فإذا
قال المولى لعبده: «بع جميع أفراد الغنم» ثمّ قال غداً: «لا تبع هذه وهذه» يحمله
العرف على التناقض والتضادّ أو على الغفلة أو الندم.
وكذلك إذا سأل المشتري من البائع «هل يوجد عندك شيء من ذلك الثوب؟» وقال
البائع: «بعتها كلّها» ثمّ قال في ساعة اخرى: «بعتها إلّاهذا المقدار» فلا إشكال
في تكذيب المشتري إيّاه، وهكذا في المراسلات وفي المحاكم عند سؤال القاضي عن
المتّهم فلو أجاب بالعامّ في مجلس والخاصّ في مجلس آخر أو في مجلس واحد مع عدم
اتّصال الخاصّ بالعامّ، لعُدّ كلامه متناقضاً.
هذا في العرف العامّ، وأمّا في العرف الخاصّ فقد يكون على خلاف ذلك إذا علمنا
أنّ سيرة المقنّن والشارع فيه جرت على بيان أحكامه وقوانينه تدريجاً كما أنّه كذلك
في الشريعة الإسلاميّة، فالعرف بعد ملاحظة هذه السيرة لا يحكم بالتعارض في موارد
العامّ والخاصّ وإن كانا منفصلين.
نعم، هذا جارٍ بالنسبة إلى الواجبات أو المحرّمات، وأمّا في المستحبّات
فللشارع سيرة اخرى، وهي بيان سلسلة مراتب الاستحباب ودرجات المطلوبيّة، فيحمل
العامّ فيها على بيان درجة منها والخاصّ على بيان درجة أعلى منه، ونتيجته عدم
كونهما فيها من باب التخصيص ولا من باب التعارض، حيث إنّهما يجريان في خصوص موارد
إحراز وحدة المطلوب لا تعدّده.
الضوابط العامّة للجمع الدلالي العرفي
لا إشكال في أنّ علم الاصول لا تبحث عن القرائن الخاصّة الجزئيّة للجمع
الدلالي بين المتعارضين الّتي لا تدخل تحت ضابطة كلّية، بل إنّما تبحث عن القرائن