أو ترديدهم فيها نشأ ظاهراً من هذا الإشكال، ولكنّه قابل للدفع، وذلك لأنّ
أخبار حجّية البيّنة ناظرة في الغالب إلى المسائل الماليّة والحقوقيّة، والظاهر
أنّ ذكر البيّنة فيها من جهة أنّ هذه المسائل وإن لم تكن مورداً للدعوى بالفعل،
ولكن قد يؤدّي إلى المخاصمة، فلابدّ من أخذ شاهدين فيها حتّى إذا انتهى الأمر إلى
المحكمة يكون دليلًا يمكن الاستناد إليه في إثبات المدّعى.
هذا مجمل القول في المسألة والتفصيل موكول إلى محلّه.
الثالث: المعيار في حجّية خبر الواحد
هل المدار في حجّية خبر الواحد على الوثوق بالرواية أو وثاقة الراوي؟ الظاهر
هو الأوّل، ولذا لو ثبت الوثوق بالرواية من طريق آخر يعمل بها.
والطرق الموجودة لذلك أربعة:
الأوّل: الوثوق الحاصل من وثاقة الراوي، وهذا واضح.
الثاني: الوثوق الحاصل من ناحية شهرة الفتوى بمضمونها
بين الأصحاب، وهذا هو الذي يعبّر عنه بانجبار ضعف الخبر بالشهرة العمليّة
الفتوائيّة.
الثالث: الوثوق الحاصل بتضافر الروايات، لا سيّما إذا
كانت في الكتب المعتبرة، كالكتب الأربعة، وإن كانت نفس كلّ واحد من تلك الروايات
ضعيفة بحسب السند.
الرابع: الوثوق الحاصل من علوّ مضمون الرواية بحيث لا
يحتمل صدورها من غير الإمام المعصوم العارف بالامور والعالم بالعلوم الإلهيّة، كما
في خطب نهج البلاغة و الصحيفة السجاديّة عليه السلام.
ثمّ إعلم أنّ الوثوق المعتبر هنا هو الوثوق النوعي لا الشخصي، ولذا لا يمكن
للعبد عند ترك العمل بخبر الثقة الاعتذار بعدم حصول الوثوق الشخصي له، بل يؤاخذ
على ذلك مع الوثوق النوعي الحاصل ممّا عرفت.