الأوّل و الثاني قدّس سرّهما و بعض كتب العلّامة رحمه اللّه.
و هنا قول ثالث، و هو التفصيل بين زماني الحضور و الغيبة، فلا يجوز في الأوّل،
و يجوز في الثاني، بل لعلّ ظاهر كلام الدروس نفوذ البيع و الوقف و غيرها في زمن
الغيبة مطلقا.
و أظهر منه ما في الحدائق، بل لعلّه صريح في ذلك، حيث قال بعد اختيار جواز
التصرّف في زمن الغيبة ما نصّه: «و حمل ذلك على كون البيع أوّلا و بالذات إنّما
تعلّق بملك البائع» [1].
هذا و العمدة فيه ما عرفت سابقا من التصريح في غير واحد من روايات الباب، و
بأنّها ملك لجميع المسلمين، و أنّها موقوفة متروكة في يد من يعمّرها و كيف يجوز
بيع ما يكون مشتركا بين الجميع؟! [2].
و كذا ما دلّ على جواز بيع حقّ الأولوية و أداء خراجها كما يؤدّي غيره، مثل ما
رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن شراء أرض أهل الذمّة؟
فقال: «لا بأس بها فتكون إذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدّي عنها كما يؤدّون» [3].
و ما رواه محمّد بن شريح قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شراء الأرض
من أرض الخراج فكرهه، و قال: «إنّما أرض الخراج للمسلمين». فقالوا له: فانّه
يشتريها الرجل و عليه خراجها، فقال: «لا بأس، إلّا أن يستحيي من عيب ذلك» [4].
بل كونها أرضا خراجية يؤدّي منها الخراج لا تجتمع مع البيع، كما يدلّ عليه بعض
روايات الباب [5].
نعم هنا امور قد توهّم جواز ذلك في زمان الغيبة أو مطلقا:
منها: السيرة على بناء المساجد فيها أو وقّفها لغيرها أيضا، و لا يجوز ذلك
إلّا في ملك، و كذا بيع دور العراق و شرائها.
و فيه: إنّ ذلك نشأ عن اشتباه الحال و الشبهة في تشخيص مصاديقها لما عرفت من