و هناك روايات اخرى كثيرة ذكرها المجلسي في بحار الأنوار تدلّ على المطلوب [1].
3- و ما رواه في نهج البلاغة: و إيّاك و المنّ على رعيّتك ... أو أن تعدهم
فتتبّع موعدك بخلفك، فانّ المنّ يبطل الإحسان، و التزيد يذهب بنور الحقّ، و الخلف
يوجب المقت عند اللّه و الناس، قال اللّه سبحانه: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ» [2].
هذا و لكن ذكر لزوم الوفاء بالوعد من حقوق الاخوّة في بعض الأخبار يضعف
دلالتها على الوجوب، مثل ما جاء في البحار في أحاديث متعدّدة فراجع [3].
و قد يقال أنّ السيرة العملية و الشهرة بين الأصحاب على عدم الوجوب، و لو كان
ذلك واجبا لاشتهر و بان مع شدّة الابتلاء به، و الإنصاف أنّه يشكل رفع اليد عن هذه
الظواهر بمجرّد هذه الامور، فالأحوط الوفاء بالوعد.
هذا و لكن يظهر من كلماتهم في أبواب النذر أنّ التزام شيء على نفسه لا يكون
ملزما إلّا إذا كان الالتزام للّه.
قال في الجواهر بعد كلام له في المقام: و في قواعد الفاضل لو قال: «عليّ كذا و
لم يقل للّه، استحبّ له الوفاء، و لعلّه لأنّه طاعة، ... و على كلّ حال فالأمر سهل
من انّ الحكم مستحبّ، و الفرض إن لم يكن نذرا منعقدا فهو وعد أو شبه الوعد» [4].
و يظهر من هذه العبارة تسالمهم على أنّ الوعد أو شبه الوعد لا يجب الوفاء به و
انّ ما كان للّه يجب الوفاء به.
بل لعلّه يظهر من بعض روايات أبواب النذر أنّ مجرّد الالتزام على النفس بشيء
لا يجب الوفاء به إلّا ما كان للّه، و لا يبعد شموله لبعض أفراد الوعد، بل لجميعه،
فلعلّ ما يدعى من السيرة أو الشهرة أو الإجماع نشأ من هنا، و إليك هذه الروايات:
1- ما رواه مسلم بن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام ... و
سئل عن الرجل
[1]. بحار الأنوار، ج 72، ص 79- 91،
الباب 47، من أبواب لزوم الوفاء بالوعد و العهد.