هذا و لكن شمول أدلّة الحرمة للوازم الكلام محلّ تأمّل، فمن قال: آه من ذنوبي،
فلازمه الإخبار بخوفه منها، فإذا علمنا بأنّه لا يخاف فهل يمكننا القول أنّه يكذب
و لا يخاف اللّه؟
الظاهر أنّ أدلّة الحرمة لا تشمل لوازم الكلام و لا أقل من الشكّ، فالأصل
البراءة و أمّا الوعد و حقيقته فسيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه.
حكم الوعد:
يظهر من بعض آيات القرآن الكريم و كثير من الروايات أنّ الوفاء بالوعد من
الواجبات.
أمّا من القرآن- فقوله تعالى: وَ
أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا[1] فانّ الوعد نوع من العهد.
و كذلك قوله تعالى: لِمَ تَقُولُونَ ما لا
تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ[2].
بناء على عدم انحصار مفادها بقول خال عن العمل، و شمولها بعمومها للوعد أيضا،
و ليس ببعيد، لا سيّما بملاحظة صحيحة هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه
السّلام يقول:
عدّة المؤمن أخاه نذر لا كفّارة له، فمن أخلف فبخلف اللّه بدأ، و لمقته تعرّض،
و ذلك قوله:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا
تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ[3].
و أمّا السنّة فهي كثيرة جدّا منها:
1- ما رواه شعيب العقرقوفي عن أبي عبد للّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليف إذا وعد» [4].
2- و ما رواه الحارث الأعور عن علي عليه السّلام قال: «لا يصلح من الكذب جدّ و
لا هزل و لا أن يعد أحدكم صبيّه ثمّ لا يفي له ...» [5].