فاستثناء المظلوم دليل على جوازه، و هذا هو العمدة في هذا الحكم.
و قد ورد في تفسيرها حديثان مرسلان يؤيّدان إطلاق الآية:
1- ما رواه الفضل بن أبي قرّة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ
إِلَّا مَنْ ظُلِمَ قال: «من أضاف قوما فأساء
ضيافتهم فهو ممّن ظلم، فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه» [1].
2- و ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي رحمه اللّه (في مجمع البيان) في قوله لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ ... عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إنّ الضيف ينزل بالرجل
فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه أن يذكر سوء ما فعله» [2].
فإذا جازت الغيبة للإساءة في الضيافة جازت لسائر المظالم بطريق أولى.
هذا، و قد فسّرت الروايتان بما يكون مصداقا لظلم المضيف لا مجرّد ترك الأولى.
نعم للضيف حقّ على المضيف، كما أنّ للمضيف حقّا عليه، و على كلّ حال ضعف سندهما
يمنع عن الاستدلال بهما و لو مع هذا التفسير إلّا بعنوان مؤيّد للمقصود.
و قد يؤيّده ما ورد في غير واحد من الروايات من شكاية الناس عن غيرهم عند
النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و عند الأئمّة من أهل بيته عليهم السّلام مثل:
ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه قال لهند بنت عتبة امرأة
أبي سفيان حين قالت: إنّ أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني و ولدي ما يكفيني فقال لها:
«خذي لك و لولدك ما يكفيك بالمعروف» [3].
و كذا ما ورد من تظلّم بعض أصحاب الأئمّة عليهم السّلام عندهم.
هذا و الإنصاف إنّ مسألة القضاء خارجة بالإجماع بل الضرورة، لأنّ قوامها في
الغالب بذكر مساوئ الظالمين، و لعلّ موارد هذه الروايات كانت من قبيل القضاء.
و قد يؤيّد هذا الحكم بآيات اخرى أو دلائل عقلية غير وافية بالمراد، مثل قوله
تعالى:
[1]. وسائل الشيعة، ج 8، ص 605، الباب
154، من أبواب أحكام العشرة، ح 6.