لا إشكال و لا كلام في حرمة التصوير في الجملة و به طفحت كلماتهم، و اتّفقت
آراؤهم، بل هو ممّا لم يختلف فيه علماء الإسلام، من الخاصّة و العامّة، كما حكي
عنهم، إنّما الكلام في خصوصيات المسألة و مواردها و عمدة الخلاف في أمرين:
الأوّل- هل هناك فرق بين ذوات الأرواح و غيرها.
الثاني- هل هناك فرق بين المجسّم و غيره.
و ما ذكره غير واحد من الأعلام من وجود أقوال أربعة في المسألة نشأ من هذين
الخلافين.
فمنهم من قال: بحرمة الجميع، و منهم من خصّه بأمرين: «كونه مجسّما من ذوات
الأرواح»، و منهم من فرّق بين ذوات الأرواح و غيرها، من دون فرق بين المجسّم و
غيره، و منهم من فرّق بين المجسّم و غيره من دون فرق بين ذوات الأرواح و غيرها.
و كلّ ذلك ناشئ من إختلاف لسان روايات الباب، فلنرجع إليها و نحقّق فيها بما
هو حقّ التحقيق، و هي على طوائف:
الطائفة الاولى: ما دلّ على حرمة التصوير مطلقا
1- ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلم: «أتاني جبرئيل قال:
يا محمّد! إنّ ربّك يقرءوك السلام و ينهى عن تزويق البيوت»، قال أبو بصير
فقلت: و ما تزويق البيوت؟ فقال: «تصاوير التماثيل» [1].
2- ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السّلام: «بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في هدم القبور و كسر
الصور» [2].
3- ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السّلام: «بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلى المدينة فقال:
لا تدع صورة إلّا محوتها، و لا قبرا إلّا سوّيته، و لا كلبا إلّا قتلته» [3].
[1]. وسائل الشيعة، ج 3، ص 560، الباب
3، من أبواب أحكام المساكن، ح 1.