وزبدة الكلام: نافلة الليل كيمياء السعادة والأكسير الأعظم وفي ظلّها بلغ أغلب
من بلغ المقامات الرفيعة. وكفى في فضلها ما خاطب به القرآن النَّبيَّ صلى الله
عليه و آله: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ
نافِلَةً لَكَ عَسى انْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً[6].
وتفيد هذه الآية أنّ النّبيّ صلى الله عليه و آله نال مقاماته العالية في ظلّ
قيام الليل والقرآن ومناجاة الأسحار.
روى القطب الراوندي عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال:
«لا تَطْمَعْ فِي ثَلاثَةٍ مع ثَلاثَةٍ: فِي سَهَرِ اللّيلِ مَعَ كَثْرَةِ
الأكْلِ، وفي نُورِ الوَجْهِ مَع نَومِ أجْمَعِ اللّيلِ، وفِي الأمَانِ مِنَ
الدُّنْيا مع صُحْبَةِ الفُسّاقِ» [7].
كما روى القطب الراوندي أيضاً أنّ عيسى عليه السلام نادى أُمّه مريم بعد
وفاتها، فقال:
يا أمّاهُ كَلِّمِيني، هَلْ تُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعي إلى الدُّنْيا؟
قالت:
«نَعَمْ لُاصُلِّي للَّهِ في لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ البَرْدِ، وأصُومَ يوماً
شَدِيدَ الحَرِّ، يا بُنَيَّ فإنَّ الطّرِيقَ (الآخِرَةَ) مُخُوفٌ» [8].
و
النقطة الضرورية أنّ بعض المؤمنين يتركون صلاة الليل بسبب بعض آدابها المسهبة،
والحال يمكن الإتيان بصلاة الليل في مدّة قصيرة وبشكل بسيط، فالمهم النهوض والتوجه
إلى اللَّه في الأسحار.