وقد روى المرحوم المحدّث القمي رواية في فضل الأوّل من شعبان عن تفسير الإمام
الحسن العسكريّ عليه السلام تتعلق في الواقع بشهر شعبان، والرواية عميقة المعنى
وطويلة وقد لخّصها، ونحن نلخّصها أيضاً لعدم الإطالة، وخلاصة الرواية:
إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام مرّ على قوم من أخلاط المسلمين وهم قعود في بعض
المساجد في أوّل يوم من شعبان وهم يخوضون في أمر القدر وغيره وقد ارتفعت أصواتهم،
فقال عليه السلام:
هذه الدُّنْيا، ثُمَّ يُنادِي مُنادي رَبِّنا عزَّوجَلّ: يا عِبادَ اللَّهِ
هذِه أغْصَانُ شَجَرَةِ طُوبى فَتَعَلَّقُوا بِها لِتَرْفَعَكُمْ إلى الجَنَّةِ،
وهذِه أغْصانُ شَجَرَةِ الزّقّومِ فَإيّاكُم وَإيّاها لَاتُؤَدِّ بِكُم إلى
الجَحِيمِ»
. ثمّ قال صلى الله عليه و آله:
«فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بالحَقِّ نَبِيّاً إنّ مَنْ تَعاطى باباً مِنَ
الخَيْرِ في هذا اليَومِ فَقَد تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِن أغْصانِ شَجَرَةِ طُوبى
فَهُوَ مُؤَدٍّ بِه إلى الجَنَّةِ»
. ثمّ تعرّض صلى الله عليه و آله لبعض نماذج التعلّق بغصون شجرة طوبى فقال
صلى الله عليه و آله:
«فَمَنْ تَطَوَّع بِصَلاةٍ
(بالإضافة إلى الفرائض)
فِي هذا اليَوْمِ فَقَدْ تَعَلَّقَ مِنْهُ بِغُصْنٍ، وَمَنْ صامَ أو أصْلَحَ
بَيْنَ الْمَرْءِ وزَوْجِهِ والوَالِدِ ووَلَدِه والقَرِيبِ وقَرِيبِهِ والجَارِ
وجَارِه فَقَدْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنهُ، ومَن خَفَّفَ مِن مُعْسِرٍ دَيْنَهُ أو
حَطَّ عَنهُ أو أدّى دَيْناً أو كَفَلَ يَتِيماً أو كَفَّ سَفِيهاً عَنْ عِرْضِ
مُؤمِنٍ أو تَلا القُرآنَ أو ذَكَرَ اللَّهَ ونَعْماءَهُ لِيَشْكُرَهُ أو عادَ
مَرِيضاً أو بَرَّ فِيه وَالِدَيْهِ أو أحَدَهُما أو شَيَّعَ جَنازَةً أو فَعَل
شَيْئاً مِن سائِرِ أبْوابِ الخَيْرِ في هذا اليَومِ فَقَدْ تَعَلَّقَ مِنْهُ
بِغُصْنٍ»
. ثمّ قال صلى الله عليه و آله:
«والّذِي بَعَثَنِي بالحَقِّ نَبِيّاً، أنّ مَنْ تَعاطى باباً مِنَ الشَّرِّ
والعِصْيانِ في هذا اليَوْمِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِن أغْصانِ الزَّقُّومِ
فَهُوَ مُؤَدٍّ بهِ إلى النّار، فَمَنْ قَصَّر في الصَّلاةِ المَفْروضَةِ
وضَيَّعَها أو جاءَه في هذا اليَومِ فَقِيرٌ ضَعِيفٌ يُعْرَفُ مِن سُوءِ حَالِه
وَهُوَ يَقْدِرُ على تَغْييرِ حَالِهِ فَتَرَكَهُ ولَمْ يأخُذْ بِيَدِهِ، أوِ
اعْتَذَرَ إلَيهِ مُسِيئٌ فَلَم يَعْذِرْهُ، أو ضَرَب بين
[1]. حسب بعض الروايات طوبى شجرة في
الجنّة وأصلها في بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وغصونها في بيوت المؤمنين
وفيها كلّ ما يرغببه أهل الجنّة. (بحار الأنوار: ج 8، ص 117 و 118). والزقوم
بتصريح القرآن (سورة الصافات: الآية 62- 66) شجرة في جهنم للظالمين.