responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإدارة و القيادة في الإسلام نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 24

لو ألقينا نظرة سريعة إلى حياة نبي الإسلام بعد البعثة، لرأينا أنّ هذه الحياة الزاخرة بالعطاء تنقسم إلى مرحلتين متميّزتين:

1- مرحلة مكة المكرمة (مرحلة التهيئة والبناء).

2- مرحلة المدينة المنورة (مرحلة العمل وانجاز المشاريع).

إنّ النبي‌الأكرم صلى الله عليه و آله في مرحلة مكة المكرمة كان يهتم بعملية التعليم العقائدي والفكري والثقافي لأتباعه وتطهير قلوبهم من رسوبات الشرك، ليعدّهم لحركة كبيرة ونهضة إلهيّة باتجاه بناء وتشييد أركان المجتمع الإنساني الذي تسود أجواءه القيم الإلهيّة، وذلك من خلال تشييد «حكومة مقتدرة وقوية» كمقدمة لتحقيق أهداف الرسالة الإلهيّة.

في هذه المرحلة التي استغرقت 13 سنة كان المسلمون يخضعون بشكل مستمر لدروس فكرية وثقافية من تعاليم الوحي والرسالة السماوية، ولهذا السبب فإنّ القسم الأعظم من سور القرآن الكريم نزل في هذه المرحلة، ومن هنا كانت هذه الآيات الشريفة تعدّ أفضل وسيلة لتعليم وتربية المسلمين وتهذيب أخلاقهم وتزكية نفوسهم والسير بهم في خط الرسالة والعبودية والانفتاح على اللَّه.

إنّ المسلمين في هذه المرحلة كانوا مكلّفين- مضافاً إلى إقامة الصلاة في خمسة أوقات يومياً، والتي تعتبر درساً عملياً لبناء الذات- أن يقوموا في الليل ويقرأوا ما تيسر لهم من الآيات القرآنية بمقدار طاقتهم، وبذلك يتواصلوا مع الوحي الإلهي ويطبقوا تعاليمه على أنفسهم وأعمالهم، وفي ذلك يقول تعالى: «إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ...» [1].

إنّ اختيار الليل لهذا الأمر المهم كان من أجل أنّ «الثورة الإسلامية» كانت في بداية أمرها، ولابدّ أن تمدّ جذورها وترسّخ أركانها بعيداً عن أنظار الأعداء وتستطيع بالتالي من النموّ والرشد وتكون من القوّة إلى درجة أنّها لا تتأثر بأيّ إعصار أو عاصفة تتعرّض لها


[1]. سورة المزّمل، الآية 20.

نام کتاب : الإدارة و القيادة في الإسلام نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست