الغموض والإبهام بحيث لا يمكن فهم المقصود منها بدون تفكر وتدبر، وكأنّ اللَّه
تعالى أراد من المخاطبين أن يتدبروا أكثر لفهم مقاصد ومعاني القرآن الكريم، وبذلك
ينتفعون أكثر بهذه النعمة الإلهيّة العظيمة، ومهما يكن من أمر فإنّ المفسّرين
طرحوا في تفسير هذه الآيات الشريفة نظريات وآراء مختلفة، المهم منها ثلاثة تفاسير:
التفسير الأوّل: حياة بني إسرائيل
إنّ جميع هذه الأقسام الإلهيّة ناظرة إلى حياة بني إسرائيل في واقع التاريخ
البشري، فالمقصود من «الطور» ذلك الجبل الذي صعد عليه موسى بن عمران عليه السلام
حيث نزل عليه الوحي في ذلك المكان، وبعد استلامه للوحي عاد لقومه وأبلغهم رسالة
اللَّه تعالى إليهم، وقيل إنّ هذا الجبل، هو جبل صغير الحجم، وإنّما صار مقدّساً
وعظيماً بسبب نزول الوحي عليه، وإلّا فإنّ هذا الجبل حسب الظاهر لا يتوفر على أي
معالم العظمة والشموخ.
أمّا المراد من «كتاب مسطور» فهو «التوراة» الذي نزلت على موسى عليه السلام في
الجبل.
ويعتقد هؤلاء المفسّرون أنّ «البيت المعمور» هو بيت المقدس الذي كان محور
الرسالات الإلهيّة، والمنطقة التي كان موسى عليه السلام مأموراً بإبلاغ الرسالة
الإلهيّة فيها، وهي بالتالي عاصمة بني إسرائيل.
وأمّا «السقف المرفوع» فهو كما ورد في الآيات القرآنية ومنها الآية 171 من
سورة الأعراف، الجبل الذي رفعه اللَّه تعالى على قوم بني إسرائيل في صحراء سيناء: