منها بإمكانها تحويل سارق خطير وقاطع طريق وشرير من أجواء الانحراف والشر إلى
أجواء النور والخير بحيث أصبح أزهد أهل زمانه، وهذا مثال واحد من التاريخ الإسلامي
في بيان هذه الحقيقة، وهناك نماذج كثيرة من هذا القبيل في التاريخ.
4. القرآن المبين؛ وقد وصف القرآن نفسه في
سورة الدخان بصفة «المبين»، وكلمة (مبين) يعني ما يكشف عن المستور، والقرآن بنفسه
مبينٌ وفي ذات الوقت مبيّنٌ لغيره، وكل إنسان في أي سنة من سنوات العمر، وبأي
مقدار يملك من المعرفة والعلم يمكنه أن يستفيد من هذا المنهل الإلهي العذب،
فالفيلسوف، والعارف، والشاعر، والعالم، والمتعلم والامي، كل هؤلاء بإمكانهم
الاستفادة من القرآن بحسب ظرفيتهم واستيعابهم، فالقرآن العين الزلال والنبع الطاهر
النقي من جهة أنّ كل شخص يستطيع التناول منه بقدر إنائه، فمن كانت قابليته ولياقته
بمقدار قدح صغير فإنّه يتناول من القرآن وينهل من معارفه وأنواره بهذا المقدار،
والأشخاص الذين تتسع قلوبهم بسعة البحر، فإنّهم ينهلون من ماء هذه العين المتدفقة
بالأنوار الإلهيّة والمعارف السماوية بسعة آنيتهم.
ج) لماذا هذه الأقسام؟
إنّ جميع هذه الأقسام هي من أجل إثبات نبوة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله.
سؤال: كيف يمكن إثبات النبوة بالقسم الوارد في
القرآن؟
الجواب: نظراً إلى أنّ اللَّه تعالى أقسم في هذه
الموارد بالقرآن نفسه، وفي الحقيقة أنّه استدل بالقرآن لإثبات النبوة، لأنّ القرآن
هو معجزة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، ولم يقدر أحد على الإتيان بمثله: «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ
يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَايَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً»[1].