5. التقوى وسيلة النجاة

وآخر ملاحظة نثيرها في هذا الموضوع هي أنّ القرآن الكريم لم يقل إنّ العلماء، الأثرياء، الاقوياء، العبّاد، المخترعين، المكتشفين وأمثالهم هم أهل النجاة، بل قال إنّ أهل التقوى فقط هم أهل النجاة، بمعنى أنّك لو اكتسبت أي عنوان في هذه الدنيا وعملت بأي عمل وسلكت أي مسلك، فلو لم يكن لديك رأس مال من التقوى والورع فأنت لست من أهل النجاة في ذلك اليوم.

إنّ التقوى رأس مال عجيب وجوهرة ثمينة، ولذلك نرى التقوى لها انعكاسات واسعة في الآيات القرآنية والروايات الإسلامية، بحيث يمكن تأليف كتاب مستقل حول موضوع التقوى في القرآن، كما أنّه لو أمكن جمع الروايات التي تتحدث حول هذا الموضوع لأمكن تأليف كتاب مستقل عنها.

ويتحدّث إمام المتقين في أكثر من خطبة في نهج البلاغة عن التقوى فيما تمثّله من حالة وجدانية منفتحة على اللَّه تعالى لا أنّها تمثّل حالة طارئة يعيشها الإنسان في ظاهر الحال، والواقع أنّ هذا الزاد والمتاع النفيس لابدّ أن يكون مورد بحث وتدبر في جميع خطب صلاة الجمعة.

الإمام علي عليه السلام حتّى في آخر يوم من أيّام حياته لم يغفل عن الوصية بالتقوى، وقد أكد في وصيته على التقوى مخاطباً فيها ولديه الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام‌ [1] وسائر أبنائه وكذلك الشيعة في جميع الأعصار والحقب الزمنية إلى يوم القيامة، وهذا يشير إلى مدى أهمية التقوى فيما تمثّله من معيار الفضائل والكمالات الأخلاقية للإنسان‌ [2] والجواز الذي يمر به الإنسان إلى الجنّة [3].

[1]. نهج البلاغة، الرسالة 47.

[2]. سورة الحجرات، الآية 13.

[3]. سورة مريم، الآية 63.