responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأقسام القرآنية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 394

الحالة الثانية: النفس اللوّامة

وأحياناً يتحرّك وجدان الإنسان ويخرج من أجواء الضعف والاهتزاز إلى حيث النشاط والحياة والحركة ولا يستسلم للأهواء والشهوات ولا يسلّمها زمام قيادة الإنسان، بل يتخّذ في مقابلها موقفاً حاسماً ويعمل على تحويل باطن الإنسان إلى محكمة تحاكمه على ما يصدر منه من مخالفات وأخطاء وتلومه على ما بدر منه من ذنوب وآثام، وعندما يتحرّك الإنسان في خطّ الخير والصلاح فإنّ هذه القوة الخيّرة ستتحرّك في ترغيبه وتشويقه، وهذه المرحلة تسمّى بمرحلة النفس اللوّامة، وما أجمل بالإنسان أن يخرج من ظلمات النفس الأمّارة ويصل إلى موقف النفس اللوّامة.

وأحياناً تتحرّك النفس اللوّامة بشكل مؤقت وعابر وتمثّل حالة طارئة على الإنسان وتكتفي بلومه على تصرفه الخاطئ، وبعد مدّة قصيرة تنسحب إلى العمق وترقد في سبات عميق، وبذلك تخلي مكانها للنفس الأمّارة وتفسح لها المجال في العودة إلى أجواء الوعي والفكر والعاطفة في الإنسان، كما تشير إلى هذه الحقيقة الآيات التي تتحدّث عن قصة إبراهيم وعبادة الأوثان، بعدما حطّم إبراهيم أصنامهم، فقالوا له: «قَالُوا ءَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ* قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ* فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ» [1].

وهكذا نرى هؤلاء القوم لم يتمكّنوا من الإصغاء مدّة طويلة لنصائح النفس اللوّامة، لأنّهم إذا ساروا في هذا الخطّ واقتنعوا بأنّ هذه الأصنام لا تضرّ ولا تنفع ولا تنطق، فإنّ أصل وأساس عبادتهم لها ستتعرض للسؤال والاهتزاز، وإذا ادّعوا أن هذه الأصنام تستطيع الكلام والنطق، فإنّهم بأنفسهم يعلمون أن هذا الادّعاء كاذب وسيفضحون أنفسهم بسرعة، ومن هنا فإنّهم تناسوا نصيحة الوجدان وتلك النفس اللوّامة، وأسدلوا عليها ستار الغفلة واللامبالاة والتمرّد:


[1]. سورة الأنبياء، الآيات 62- 64.

نام کتاب : الأقسام القرآنية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست