بل تبقى المياه العذبة على عذوبتها لمدّة معينة وهي متوغلة في البحر، ويتولى
القمر إيجاد ظاهرة المدّ والجزر في الليل والنهار، فجاذبية القمر تؤدي إلى إيجاد
ظاهرة المدّ في مياه البحر ويجذب القمر مياه البحر نحوه قليلًا، فعندما يصعد ماء
البحر ويرتفع فإنّ المياه العذبة التي دخلت البحر من الأنهار ستعود إليها، وهكذا
تسقي مزارع النخيل الواقعة على ضفاف الأنهار، فعندما يبدأ الجزر وينخفض ماء البحر
فإنّ تلك المياه ستعود إلى البحر مرّة ثانية وهكذا تتكرر هذه العملية مرّة أخرى في
كل ليل ونهار، وبذلك تسقى مزارع النخيل يومياً، فمن يصدق أنّ كرة سماوية تعمل عمل
ملايين الفلاحين والخبراء والمضخات في كل يوم؟ هنا يقول الإمام زين العابدين عليه
السلام:
ما تقدّم آنفاً يمثّل فقط ثلاثة موارد من منافع وبركات القمر الذي أقسم اللَّه
تعالى به في هذه السورة، وطبعاً فإنّ بركات القمر لا تنحصر بما ذكر.
القسم الثاني: القسم بالليل
أمّا الليل فهو بدوره يتضمن الكثير من الآثار والبركات على البشرية ومصدر كثير
من النعم والمواهب الإلهيّة، ولهذا أقسم اللَّه تعالى به، ونكتفي هنا بذكر مثالين
من بركات الليل:
1. تعديل الحرارة
لو أنّ اللَّه تعالى لم يرزقنانعمة الليل، ولو افترضنا أنّ الشمس بقيت ثلاثة
أيّام متوالية تشرق على الأرض فإن جميع الأشياء ستحترق .. كما لو افترضنا عدم طلوع
النهار وكان الليل يستغرق أيّاماً متوالية فإنّ شدّة البرد بإمكانها تجميد كل
شيء، إنّ النهار على سطح القمر يساوي 14 يوماً من أيّام القمر بهذا المقدار
أيضاً، ولذلك إذا