تبيّن ممّا
تقدّم أنّ اليمين إذا كانت صادقة فهي مكروهة كراهة شديدة، ولذلك ورد الأمر
باجتنابها في التعاليم الدينية، ومع الالتفات إلى هذا الأمر يثار هنا هذا السؤال:
لماذا أقسم اللَّه تعالى في كتابه الكريم بأقسام متعددة؟
وطبقاً لما
ورد في كتاب بحار الأنوار، فقد وردت جملة «والذي نفسي بيده» في الجزء 16 من الكتاب
المذكور فقط عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قرابة مائتين مرّة فلماذا كان
النبي الأكرم صلى الله عليه و آله يقسم بهذا القسم بهذه الكثرة؟ ونرى من جهة أخرى
أنّ أميرالمؤمنين عليّاً عليه السلام في نهج البلاغة يقسم مرات عديدة مثلًا، يقول:
«وَاللَّهِ لَوْ اعْطيتُ الْأقاليمَ السَّبْعَةَ
بِما تَحْتَ أَفْلاكِها، عَلى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ في نَمْلَةٍ أَسْلُبُها
جُلْبَ شَعيرَة ما فَعَلْتُهُ» [1].
الجواب:
إنّ القسم الذي يكره كراهة شديدة والذي تقدّم الكلام عنه فيما سبق يتعلق بالمسائل
الشخصية، وأمّا إذا كان موضوع القسم يتعلق بأمور تربوية مثلًا، فلا إشكال فيه،
والأقسام الواردة في القرآن الكريم وروايات الأئمّة عليهم السلام هي من هذا القبيل،
وعليه إذا استعنا بالقسم لغرض تشويق الناس لأعمال الخير وحثهم على سلوك طريق
الصلاح، كأن نقول لهم: «قسماً باللَّه أنّ صلاة الجماعة أفضل بكثير من الصلاة
الفرادى» أو نقول لغرض النهي عن المنكر: «قسماً باللَّه تعالى أنّ الرشوة تعتبر
من الذنوب الكبيرة» وأمثال ذلك، فلا يندرج مثل هذا القَسم في دائرة اليمين
المكروهة، بل تعدّ أمراً حسناً.
النتيجة، إنّ
اليمين إذا كان من أجل بعض الأمور الشخصية والتي تعود للشخص نفسه فهي مكروهة،
وأمّا إذا كانت لغرض تربوي ومن أجل خدمة أفراد المجتمع فلا كراهة فيها، والأقسام
القرآنية هي من القسم الثاني.