أخرى، أنّ جميع الظواهر التي نشاهدها في عالم الطبيعة مهما كانت تافهة، فإنّها
لا تخلو من فائدة وحكمة، بل كل شيء في هذا العالم خاضع لنظام دقيق وحكيم، وعالم
الوجود بمثابة كتاب لا توجد نقطة أو حرف فيه إلّاوفيها معنى وهدف، فالبسطاء من
الناس ينظرون إلى ظواهر هذا العالم بنظرة سطحية وساذجة. وعلى هذا الأساس ينبغي لنا
لتفسير ظواهر الطبيعة، الانطلاق من مواقع التدبر والتفكر ومن موقع العمق الفكري
والإيماني وأن لا نعيش في نطاق الماديات والظواهر بل نتوغل إلى عمقها لنزداد
إيماناً ومعرفة.
المحور الثاني: تفسير المقسم به
بعد أن تقدّمت بعض الإيضاحات المفصّلة نسبياً عن الأقسام المذكورة في هذه
الآية الشريفة، ينبغي لنا الآن أن نرى الغرض من هذه الأقسام المهمّة فيما تريد أن
تبيّنه وتتضمنه من أمور.
إنّ الآية 7 من سورة المرسلات: «إِنَّ مَا
تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ» تجيب عن هذا السؤال، أي:
إنّ مسألة البعث والنشور، الثواب والعقاب، الحساب والجزاء، كلها حقائق لا يدنو
منها الشك ولا يطالها الريب.
ويعتقد البعض بأنّ هذا الوعد المذكور المشار إليه في الآية المذكورة يقصد به
جميع أشكال وأنحاء الوعود الإلهيّة، سواءً كان وعداً للأبرار والفجار في هذه الدنيا
أم في الآخرة، ولكن الآيات اللاحقة تشير إلى أنّ هذا الوعد يقصد به اليوم الآخر
وهو يوم القيامة.
وبالرغم من أنّ الآية الشريفة لم تتضمن أي نوع من الاستدلال على مسألة المعاد
واكتفت بالادّعاء، ولكن لطافة المسألة تكمن في هذه الحقيقة، وهي أنّ الأقسام
السابقة تتضمن في حدّ ذاتها نوعاً من الاستدلال على المعاد، ومن ذلك