المجرمين هو من قبيل تجسم الأعمال التي ارتكبوها في هذه الدنيا.
ج) القسم الآخر من أنواع العذاب والعقوبات هي
العقوبات العقدية، كما أنّ مثل هذه العقوبات موجودة في الدنيا، مثلًا القانون يقرّ
أنّ عقوبة المهربين للمواد المخدرة هي الإعدام، وفي قوانين الإسلام نجد مثل هذه
العقوبات، فجعل هذه العقوبات يعود إلى أفراد المجتمع أنفسهم بالنفع ويؤثر في
الحيلولة دون تكرار هذه المخالفات والجرائم، وبما أنّ اللَّه تعالى هو الذي وضع
هذه الأحكام الجزائية ووعد مَن يرتكب مثل هذه المعاصي بالعذاب في الآخرة، فإنّ
اللَّه لا يخلف وعده وسيعذب المجرمين على ما ارتكبوه من أعمال وجرائم، حتى لو لم
يكن هناك أدنى حاجة لتعذيب هؤلاء، النتيجة أنّ أيّاً من أنحاء العقوبات الثلاث في
الآخرة لا تتصل بحاجة الذات المقدّسة لها.
التناسب بين العقوبة والجريمة:
السؤال الثاني: ألا ينبغي أن يكون هناك
تناسب بين العقوبة والجرم الذي ارتكبه المذنب؟ وممّا لا شك فيه أنّ كل جرم له
عقوبة خاصة متناسبة معه، فأحياناً تكون ضربة سوط فقط، وأحياناً أخرى خمسين سوطاً،
وثالثة مائة سوط، وتارة يكون الذنب ثقيلًا إلى درجة أنّه يحكم على مرتكبه بالموت،
بل نشاهد بعض المجرمين يحكمون بالإعدام عشر مرات، وهذا يدّل على عمق جريمتهم وعظم
ذنبهم، ومع الالتفات إلى هذا المعنى فإنّ الكفّار والمعاندين والجبابرة الفراعنة
الذين غرقوا طيلة عمرهم في وحل الذنوب والمعاصي والجرائم، فينبغي أن تكون عقوبتهم
متناسبة مع جرائمهم، فلو أنّهم قضوا من عمرهم خمسين سنة في المعصية والإثم فيجب أن
يقضوا خمسين سنة من العقوبة، لا أنّهم يخلدون في النار يوم القيامة. ومن هذا
المنطلق يأتي هذا السؤال: ألا يتنافى خلود الكفّار في عذاب جهنّم مع حكمة اللَّه
وعدالته؟