منهم الحافظ أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي في «البداية و النهاية» (ج 8 ص 4 ط مصر) قال:
و قال عبد بن حميد: ثنا محمّد بن عبيد، ثنا المختار بن نافع عن أبي مطر قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادى من خلفي: ارفع إزارك فإنّه أبقى لثوبك و أتقى لك، و خذ من رأسك إن كنت مسلما، فمشيت خلفه و هو مؤتزر بإزار و مرتد برداء و معه الدّرة كأنّه أعرابي بدويّ فقلت: من هذا؟ فقال لي رجل:
أراك غريبا بهذا البلد فقلت: أجل أنا رجل من أهل البصرة، فقال: هذا عليّ ابن أبي طالب أمير المؤمنين حتّى انتهى دار بني أبي معيط و هو يسوق الإبل، فقال:
بيعوا و لا تحلفوا فإنّ اليمين تنفق السلعة و تمحق البركة، ثمّ أتى أصحاب التّمر فإذا خادمة تبكي فقال: ما يبكيك؟ فقالت: باعني هذا الرّجل تمرا بدرهم فردّه مولاي فأبي أن يقبله، فقال له عليّ: خذ تمرك و أعطها درهمها فانّها ليس لها أمر، فدفعه، فقلت: أ تدري من هذا؟ فقال: لا، فقلت: هذا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، فصبّ تمره و أعطاها درهمها، ثمّ قال الرّجل: أحبّ أن ترضي عنّي يا أمير المؤمنين، قال: ما أرضاني عنك إذا أوفيت النّاس حقوقهم، ثمّ مرّ مجتازا بأصحاب التّمر فقال: يا أصحاب التّمر أطعموا المساكين يرب كسبكم ثمّ مرّ مجتازا و معه المسلمون حتّى انتهى إلى أصحاب السّمك فقال: لا يباع في سوقنا طافي، ثمّ أتى دار فرات- و هي سوق الكرابيس- فأتى شيخا فقال: يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئا، ثمّ أتى آخر فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئا، فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم و كمّه ما بين الرّسغين إلى الكعبين يقول في لبسه: الحمد للّه الّذي رزقني من الرّياش ما أتجمّل به في النّاس، و أواري به عورتي-. فقيل له يا أمير المؤمنين هذا شيء ترويه عن نفسك أو شيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم؟ فقال: لا، بل شيء سمعته من