ثم تركه و أتى الحسين رضي اللّه عنه فسلّم عليه و قال: يا ابن رسول اللّه إني قتلت ابن عم لي و قد طولبت بالدية، فهل لك أن تعطيني شيئا؟ فقال له: يا أعرابي: نحن قوم لا نعطي المعروف إلّا على قدر المعرفة، فقال: سل ما تريد؟ فقال له الحسين رضي اللّه عنه: يا أعرابي ما النجاة من الهلكة؟ قال: التوكل على اللّه عز و جل. فقال: و ما الهمة؟ قال: الثقة باللّه، ثم سأله الحسين رضي اللّه عنه غير ذلك و أجاب الأعرابي، فأمر له الحسين رضي اللّه عنه بعشرة آلاف درهم، و قال له: هذه لقضاء ديونك، و عشرة آلاف درهم أخرى، و قال: هذه تلم بها شعثك، و تحسن بها حالك، و تنفق منها على عيالك، فأنشأ الأعرابي يقول:
طربت و ما هاج لي معبق و لا لي مقام و لا معشق و لكن طربت لآل الرسو ل فلذ لي الشعر و المنطق هم الأكرمون هم الأنجبون نجوم السماء بهم تشرق سبقت الأنام إلى الكرمات و أنت الجواد فلا تلحق أبوك الذي ساد بالمكرمات فقصر عن سبقه السبق به فتح اللّه باب الرشاد و باب الفساد بكم مغلق
شجاعته عليه السلام
رواه جماعة:
فمنهم العلامة علي بن أحمد بن الصباغ في «الفصول المهمة» (ص 174 ط مطبعة العدل بالنجف الأشرف) قال:
فصل في علمه و شجاعته و شرف نفسه و سيادته عليه السلام: قال بعض أهل العلم علوم أهل البيت لا تتوقف على التكرار و الدرس و لا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس لأنهم المخاطبون في أسرارهم و المحدثون في النفس. فسمى معارفهم و علومهم بعيدة عن الإدراك و اللمس و من أراد سترها كمن أراد ستر وجه