فأحبه. و أردف الحسن و الحسين على بغلته الشهباء، أحدهما قدّامه، و الآخر خلفه، و سلمة يقود بهم البغلة حتى أدخلهم حجرة النبي صلّى اللّه عليه و سلم.
و قال عبد اللّه بن جعفر: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهله؛ فقدم من سفر فسبق بي إليه، فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة، فأردفه خلفه، فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
[1] قال الفاضل المعاصر موسى محمد علي في كتابه «حليم آل البيت الامام الحسن بن علي رضي اللّه عنه» ص 77 ط عالم الكتب بيروت قال:
صدق التوكل على اللّه، يوجب ترك المبالاة بغير اللّه. و المخلصون للّه تعالى لا يؤثرون شيئا على اللّه، و لا يضنون بشيء على اللّه، فهم أبدا على أنفسهم لأجل اللّه، و اللّه سبحانه و تعالى أجرى سنته، بألا يخلي البسيطة من أهل لها، هم الغياث، و بهم دوام الحق في الظهور. فهدايتهم بالحق أنهم يدعون إلى الحق، و يدلون على الحق، و يتحركون بالحق، و يسكنون للحق بالحق، و هم قائمون بالحق، يصرفهم الحق بالحق، أولئك هم غياث الخلق. بهم يسقون إذا قحطوا، و يمطرون إذا أجدبوا، و يجابون إذا دعوا، و ينصرون إذا استنصروا، و يمكنون إذا طلبوا. رب أشعث مدفوع بالأبواب، لو أقسم على اللّه لأبره. و لقد كان من خصائص سنة اللّه تعالى في الكرم أنه أمر نبيه صلوات اللّه و سلامه عليه، بالأخذ به، إذ الخبر ورد بأن المؤمن أخذ من اللّه خلقا حسنا.
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: أكمل المؤمنين إيمانا:
أحسنهم خلقا، و خياركم خياركم لنسائهم.
و كلما كان الجرم أكبر كان العفو عنه أعظم و أكمل، و على قدر عظم رتبة العبد في الكرم يتوقف العفو عن الأصاغر و الخدم.
يقول صلوات اللّه و سلامه عليه: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
و حليمنا السمح الكريم، و كريمنا الجواد الجليل، الامام الحسن بن علي رضي اللّه عنه، فرع شجر النبوة، و مصباح زجاجة الرسالة، و معدن العلم، له الحظ الوافر، في الجود و الكرم، و الجانب الأوفر في البذل و العطاء، و الرحبة الواسعة في العفو و السماح. و ما ثبت لهذا الميدان في حقه رضوان اللّه تعالى عليه، في بطون الأسفار العريقة بالصحة و الإثبات، يحتاج ذكره إلى فصول و أبواب لا يتسع لها