و من الاستعارة أيضا قول فاطمة الزهراء رضي اللّه عنها ترثي أباها المصطفى صلّى اللّه عليه و سلم بعد وفاته: ما ذا على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا؟ صبّت عليّ مصائب لو أنها صبّت على الأيام عدن لياليا و منهم السيد رفاعة رافع الطهطاوي في «نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز صلّى اللّه عليه و آله» (ج 2 ص 245 ط مكتبة الآداب و مطبعتها بالجماميز) قال: و لما دفن صلّى اللّه عليه و سلم جاءت فاطمة رضي اللّه عنها فقالت: كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم التراب، و أخذت من تراب القبر الشريف و شمته و أنشدت تقول: فذكر البيتين.
و منهم الفاضلان عبد مهنّا و سمير جابر في «أخبار النساء في العقد الفريد» (ص 182 ط دار الكتب العلمية بيروت) قالا: وقفت فاطمة عليها السلام على قبر أبيها صلّى اللّه عليه و سلم فقالت:
إنا فقدناك فقد الأرض و ابلها و غاب مذ غبت عنا الوحي و الكتب فليت قبلك كان الموت صادفنا لمّا نعيت و حالت دونك الكثب و قال أنس بن مالك: لما فرغنا من دفن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أقبلت عليّ فاطمة. فقالت: يا أنس، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم التراب؟ ثم بكت و نادت: يا أبتاه! أجاب ربّا دعاه؛ يا أبتاه! من ربه ما أدناه؛ يا أبتاه! من ربه ناداه؛ يا أبتاه إلى جبريل ننعاه؛ يا أبتاه! جنة الفردوس مأواه. ثم بكت و قال:
أغبر أفاق السماء و كورت شمس النهار و أظلم العصران فالأرض من بعد النبي كئيبة أسفا عليه كثيرة الرجفان