تقدم ما يدل عليها عن أعلام العامة في ج 8 ص 67 و ج 17 ص 487 و مواضع أخرى، و نستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق:
أضف إلى ذلك، أن البيت العلوي فيه علم الرواية كاملة عن علي رضي اللّه عنه، حيث رووا عنه ما رواه عن الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم أو قريبا من الكمال، ذلك لأن عليا استشهد و ترك وراءه من ذريته أبرارا أطهارا كانوا أئمة في علم الإسلام، و كانوا ممن يقتدى بهم، ترك ولديه من فاطمة الحسن و الحسين، و ترك رواد الفكر محمد بن الحنيفة، فأودعهم رضي اللّه عنه ذلك العلم، و قام أولئك الأبناء بالمحافظة على تراث أبيهم الفكري و هو إمام الهدى فحفظوه من الضياع، و قد انتقل معهم إلى المدينة لما انتقلوا إليها بعد استشهاده رضي اللّه عنه.
هذا، و بعد أن وقفنا فيما سبق على أهلية علي للاجتهاد و أوضحنا إنه كان واحدا من المبرزين في القضاء و الفتوى، فلعله من المفيد هنا أن أسوق رأيه في مسألة تعد من شهيرات فتاواه و هي مسألة الزبية، و ذلك حتى يتضح لك مدى إدراكه لروح التشريع و مقاصده.
تعد مسألة الزبية من المسائل التي أقر فيها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عليا و أصلها
أنه قوما من أهل اليمن حفروا زبية للأسد فاجتمع الناس على رأسها فهوى فيها واحد فجذب ثانيا، ثم جذب الثاني ثالثا فجذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد جميعا، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين علي و كان قاضيا على اليمن، فقضى للأول بربع الدية و للثاني بثلثها و للثالث بنصفها و للرابع بكاملها، و قال: اجعل الدية على من حضر رأس البئر، فسخط بعضهم من ذلك الحكم، فرفع ذلك إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فأجازه.