ما ذكر من السّؤال في القبر عن ولاية عليّ لم يثبت هذا في الكتاب و لا السّنة، و لو كانت من المسئولات في القبر لكان ينبغي أن يعلمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و تواتر و اشتهر كما اشتهر باقى أركان الإسلام و أما ما
نقل عن ابن مسعود انه قال: وقعت الخلافة من اللّه لثلاثة آدم و داود و عليّ فآدم و داود
قد صرّح باسمهما في الخلافة في القرآن، و أمّا أن يكون المراد من قوله تعالىلَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ عليّ فحسب فغير ظاهر، و لا خبر صحيح يدلّ على هذا، بل الظاهر يشتمل الخلفاء الأربع و ملوك العرب في الإسلام فإنّ ظاهر الآية أنّ اللّه وعد المؤمنين بأن يجعلهم خلفاء الأرض و ينزع الملك من كسرى [1] و قيصر، و يؤتيه المؤمنين و هذا مضمون الآية، و ما فسّره في الآية فكلّ من باب التّفسير بالرأى، و ما ذكر انّ كلّ الأشياء التي ذكرها نقله الجمهور و اشتهر عنهم و تواتر، فهذا كذب أظهر و أبين من كذب مسيلمة الكذاب لأنّ مراده من الجمهور أهل السّنة و الجماعة، و ليس كلّ ما ذكر متواترا عند أهل السّنة و كأنّه لا يعلم معنى التّواتر.
أقول [القاضى نور اللّه]
لم يقل المصنّف: إنّ المراد بعمّ و مسمّى لفظه هو عليّ عليه السّلام لظهور أنّه جار و مجرور لا علم، و إنّما قال: إنّ الآية نزلت في عليّ عليه السّلام و مراده أنّ المراد بالنّبإ العظيم المذكور فيها هو عليّ عليه السّلام و يدلّ عليه الشعر المشهور عن عمرو بن
[1] كسرى لقب يخاطب به ملوك الفرس و (قيصر) يخاطب به ملوك الروم كما أن (خاقان) يخاطب به ملوك المغول و (فغفور) يخاطب به ملوك الصين و (السلطان) و الملك يخاطب بهما ملوك العرب و (امپراطور) يقال لملوك الغرب و الافرنج و (فرعون) لملوك مصر القدماء و (النجاشي) لملوك الحبشة و «راجه و النواب» لامراء الهند و هكذا من الألقاب التي يخاطب بها الملوك و الأمراء و رؤساء الجمهور في ممالك العالم و مسالكه.