و كذا أمّهما فاطمة و خادمتهم فضّة كذلك لئن برءا، فبرءا فليس عند آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله قليل و لا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين ثلاثة أصوع من شعير، و طحنت فاطمة منها صاعا فخبزته خمسة اقراص لكلّ واحد قرصا و صلّى عليّ المغرب، فلمّا أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه للإفطار أتاهم مسكين، و سألهم فأعطاه كلّ منهم قوته، و مكثوا يومهم و ليلتهم، لم يذوقوا شيئا، ثمّ صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعا آخر فلما قدّم بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم و سألهم القوت، فأعطاه كلّ واحد منهم بقوته فلما كان اليوم الثالث من صومهم و قدّم الطعام للإفطار أتاهم أسير، و سألهم القوت، فأعطاه كلّ واحد منهم قوته و لم يذوقوا في الأيام الثّلاثة سوى الماء فرآهم النّبي صلّى اللّه عليه و آله في اليوم الرّابع، و هم يرتعشون من الجوع، و فاطمة قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع و غارت عيناها، فقال: وا غوثاه يا اللّه أهل بيت محمّد يموتون جوعا، فهبط جبرئيل، فقال: خذ ما هنّاك اللّه تعالى به في أهل بيتك، فقال: و ما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأههَلْ أَتى «انتهى».
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول: ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول السورة ما ذكره، و لكن أنكر على هذه الرّواية كثير من المحدثين و أهل التفسير و تكلّموا في أنّه هل يجوز أن يبالغ الإنسان في الصّدقة إلى هذا الحدّ و يجوّع نفسه و أهله حتّى يشرف على الهلاك، و قد قال اللّه تعالى:وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ، و العفو ما كان فاضلا من نفقة العيال، و
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: خير الصدقة ما يكون صنوا عفوا
و إن صحّ الرواية لا تدلّ على النّص كما علمته «انتهى».
«و منهم» الأشنهي في «اعتقاد أهل السنة» «و منهم» أبو بكر محمد بن أحمد بن الفضل النحوي في «العروس في الزهد».