و لقد كان أبو عبد اللّه كأبيه محمد الباقر ممن لم تشغل السياسة العملية حيزا كبيرا من تفكيرهم فيما يظهر، بل انصرف إلى العلم كأبيه، و لم يشغل هو و لا أبوه أنفسهما بالسياسة العملية، كما فعل عمه زيد، و كما فعل أولاد عمه إبراهيم و محمد النفس الزكية أولاد عبد اللّه بن حسن.
و كان في آرائه السياسية كأبيه معتدلا غير مغال، و قد كان أبوه ينهى عن سب الشيخين أبي بكر و عمر، و عن سب ذي النورين عثمان رضي اللّه عنهم، و
يروى أنه ذكر بحضرته بعض أهل العراق هؤلاء الأئمة الثلاثة بسوء، فغضب و قال لهم مؤنبا:
أنتم من المهاجرين الأولين الذين أخرجوا من ديارهم و أموالهم! قالوا: لا. قال: فأنتم من الذين تبوءوا الدار و الإيمان! قالوا: لا. قال: و لستم من الذين جاءوا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، قوموا عني، لأقرب اللّه داركم، تقرون بالإسلام، و لستم من أهله.
التزامه محراب العلم:
و لقد كانت الأحوال في العصر الذي عاش فيه الإمام جعفر تجره إلى السياسة جرا شديدا، و لكنه استعصم و لم يسر في تيارها العملي، كما فعل عمه، و أبناء عمومته من أولاد الإمام عبد اللّه بن الحسن رضي اللّه عنهم أجمعين.
و منها قول الشيخ أحمد محيي الدين العجوز
في كتابه «مناهج الشريعة الإسلامية» (ج 3 ص 114 ط مكتبة المعارف، بيروت) قال:
مذهب الإمامية و هم الذين يعتقدون بإمامة اثني عشر من آل البيت النبوي،