فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة 711 في «مختصر تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر» (ج 23 ص 80 ط دار الفكر) قال:
قال قيس بن النعمان: خرجت يوما إلى بعض مقابر المدينة فإذا بصبي عند قبر يبكي بكاء شديدا، و إن وجهه ليلقي شعاعا من نور، فقلت: أيها الصبي ما الذي عقلت له من الحزن حتى أفردك بالخلوة في مجالب الموتى و البكاء على أهل البلاء و أنت بغو الحداثة مشغول عن اختلاف الأزمان و حنين الأحزان؟ فرفع رأسه و طأطأه و أطرق ساعة لا يحير جوابا، ثم قال:
إن الصبي صبي العقل لا صغر أزرى بذي العقل فينا لا و لا كبر ثم قال لي: يا هذا إنك خلي الذرع من الفكر، سليم الأحشاء من الحرقة، أمنت تقارب الأجل بطول الأمل، إن الذي أفردني بالخلوة في مجالب أهل البلى تذكر قول اللّه عز و جلفَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ فقلت: بأبي أنت، من أنت؟
فإني لأسمع كلاما حسنا، فقال: إن من شقاوة أهل البلى قلة معرفتهم بأولاد الأنبياء، أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي و هذا قبر أبي، فأي أنس آنس من قربه و أي وحشة تكون معه، ثم أنشأ يقول:
ما غاض دمعي عند نازلة إلا جعلتك للبكا سببا إني أجلّ ثرى حللت به من أن أرى بسواك مكتئبا فإذا ذكرتك سامحتك به مني الدموع ففاض فانسكبا قال قيس: فانصرفت و ما تركت زيارة القبور مذ ذاك.
و منهم العلامة الحافظ ابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» (ج 15 ص 702