و نصّ الكتاب، فانّ العقل يقبح تعظيم المفضول و إهانة الفاضل و رفع مرتبة المفضول و خفض مرتبة الفاضل، و القرآن نصّ على إنكار ذلك فقال تعالى:أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ[1] و قال اللّه تعالى:هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ[2] و كيف ينقاد الأعلم الأزهد الأشرف حسبا و نسبا للأدون في ذلك كلّه انتهى.
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول: المراد من كون الامام أفضل من الرّعيّة إن كان كونه أحسب و أنسب و أشرف و أعرف و أعفّ و أشجع و أعلم فلا يلزم وجوبه عقلا كما ادّعاه على تقدير القول بالوجوب العقليّ، لأنّ صريح العقل يحكم بأنّ مدار الامامة على حفظ الحوزة و العلم بالرئاسة
و تعينها و تحققها في الخارج، إذا عرفت ذلك فنقول: الامام انما يكون افضل من غيره إذا كان حائزا للفضائل المولدية و الكمالات النفسانية و العملية المتوقفة على كونه عالما بالدين و المعارف الحقة و الحقائق الالهية و الاحكام الشرعية، عارفا بالمصالح الواقعية و باهمها و مهمها و ما يحفها من المفاسد و رجحان أية مصلحة على أية مفسدة و اى مفسدة على اى مصلحة، و يكون له من الورع الشديد و التقوى الأكيد ما يحجزه عن الاقدام على خلاف مصلحة من المصالح الشرعية و يلزمه على العمل بجميع ما تقتضيه على دقائقها، و من قوة النفس و الشجاعة ما لا يهاب معها في سلوك طريق الحق عن الناس و لو تظاهروا عليه بأجمعهم و من هذه حاله يكون اعلم و أقدر و أعمل بأمور الدين و نشره و ترويجه و اجراء أحكامه و نصب القضاة و الحكام و الولاة و اعرف بمواقعها و كيفية العمل بها من المعرفة بأحوال الاشخاص و كيفية إنفاذ المصالح الشرعية فيهم فيكون ترجيح الغير عليه مخالفا لبديهة العقل.