إنّما يتبع متبوعه، [1]، و يتأخّر عنه بالذّات و المؤثّر متقدّم،
الوجه الثاني من وجهى النقض
أنّ الوجوب اللاحق لا يؤثر في الإمكان الذّاتي، [2] و يحصل الوجوب باعتبار فرض وقوع الممكن فانّ كلّ ممكن على الإطلاق، إذا فرض موجودا فانّه حالة وجوده يمتنع عدمه لامتناع اجتماع النقيضين و إذا كان ممتنع العدم كان واجبا، مع أنه ممكن بالنظر إلى ذاته و العلم حكاية عن المعلوم، و مطابق له إذ لا بدّ في العلم من المطابقة، فالعلم و المعلوم متطابقان و الأصل في هيئة التطابق هو المعلوم، فانه لولاه لم يكن علما، و لا فرق بين فرض الشيء و فرض ما يطابقه بما هو حكاية عنه و فرض العلم هو بعينه فرض المعلوم، و قد عرفت أنّ مع فرض المعلوم يجب، فكذا مع فرض العلم به، و كما أنّ ذلك الوجوب لا يؤثر في الإمكان الذاتي كذا هذا الوجوب [3]، و لا يلزم من تعلّق علم اللّه به وجوبه بالنسبة إلى ذاته، بل بالنسبة إلى العلم «انتهى».
[1] و الحاصل أننا نمنع استحالة الايمان من الكافر مثلا و أن حصوله يفضى الى انقلاب علم اللّه جهلا، و ذلك لان العلم تابع للمعلوم متعلق به على ما هو عليه، فان كان الشيء واقعا تعلق العلم بوقوعه، و ان كان غير واقع تعلق العلم بعدمه، فالإيمان ان وقع علمنا أنه تعالى كان عالما بوقوعه، و ان فرضناه غير واقع لزم القطع بأنه تعالى علم عدم وقوعه ففرض الايمان بدلا عن الكفر لا يقتضى تغير العلم بعدمه، بل يقتضى أن يكون الحاصل في الأزل هو العلم بالايمان بدلا عن العلم بالكفر.
[3] يعنى أن الوجوب اللاحق حصل بعد فرض العلم فلا يؤثر في الإمكان الذاتي و لا في القدرة عليه كما أن فرض المعلوم يوجبه وجوبا لاحقا و هو لا يؤثر في الإمكان الذاتي للطرف الآخر، و بالجملة لا فرق بين فرض الشيء و فرض مطابقه و لا ينافي ذلك تأخير المعلوم عن العلم فان العلم حكاية و الحكاية قد يتقدم زمانا و قد يتأخر، و هي متأخرة على التقديرين بالذات عن المحكي و كذا العلم السابق لان شرطه المطابقة و الامتناع لا حق و هو لا يؤثر في الإمكان الذاتي الذي هو شرط التكليف.