955 قَالَ أَبُو عَمْرٍو: فَلْيَنْظُرِ[1] النَّاظِرُ فَيَتَعَجَّبُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَاهَا الْقُمِّيُّونَ فِي يُونُسَ، وَ لْيَعْلَمْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي الْعَقْلِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عَلِيَّ بْنَ حَدِيدٍ قَدْ ذَكَرَ الْفَضْلَ مِنْ رُجُوعِهِمَا عَنِ الْوَقِيعَةِ فِي يُونُسَ، وَ لَعَلَّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كَانَتْ مِنْ أَحْمَدَ قَبْلَ رُجُوعِهِ، وَ مِنْ عَلِيٍّ مُدَارَاةً لِأَصْحَابِهِ، فَأَمَّا يُونُسُ بْنُ بَهْمَنَ: فَمِمَّنْ كَانَ أَخَذَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يُظْهِرَ لَهُ مَثْلُبَةً فَيَحْكِيَهَا عَنْهُ وَ الْعَقْلُ يَنْفِي مِثْلَ هَذَا، إِذْ لَيْسَ فِي طِبَاعِ النَّاسِ إِظْهَارُ مَسَاوِئِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ عَلَى نُفُوسِهِمْ، وَ أَمَّا حَدِيثُ الْحَجَّالِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَإِنَّ أَبَا الْحَسَنِ (ع) أَجَلُّ خَطَراً وَ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ أَنْ يَسُبَّ أَحَداً صُرَاحاً، وَ كَذَلِكَ آبَاؤُهُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مِنْ قَبْلِهِ وَ وُلْدُهُ مِنْ بَعْدِهِ، لِأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بِخِلَافِ هَذَا: إِذْ كَانُوا قَدْ نَهَوْا عَنْ مِثْلِهِ، وَ حَثُّوا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ الزَّيْنُ لِلدِّينِ وَ الدُّنْيَا.
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: جَالِسُوا أَهْلَ الدِّينِ وَ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَالْوَحْدَةُ آنَسُ وَ أَسْلَمُ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا مُجَالَسَةَ النَّاسِ: فَجَالِسُوا أَهْلَ الْمُرُوَّاتِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرْفُثُونَ[2] فِي مَجَالِسِهِمْ.
فَمَا حَكَاهُ هَذَا الرَّجُلُ عَنِ الْإِمَامِ (ع) فِي بَابِ الْكِتَابِ لَا يَلِيقُ بِهِ، إِذْ كَانُوا (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) مُنَزَّهِينَ عَنِ الْبَذَاءِ وَ الرَّفَثِ وَ السَّفَهِ، وَ تَكَلَّمَ عَنِ الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ بِمَا يُشَاكِلُ هَذَا.
[1]- فلو نظر- خ.
[2]- رفث في كلامه: افحش، و الرفث بالتحريك: قول الفحش.