مِمَّنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ، فَجِئْتُ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَدِمَ الْكُوفَةَ، لِأَنَّهُ كَانَ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَقُلْتُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي فَارَقْتُ السَّيِّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيَّ لِمَا بِهِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ ازْرَقَّتْ عَيْنَاهُ وَ عَطِشَ كَبِدُهُ وَ سُلِبَ الْكَلَامَ وَ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) أَسْرِجُوا حِمَارِي، فَأُسْرِجَ لَهُ وَ رَكِبَ وَ مَضَى، وَ مَضَيْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى السَّيِّدِ، وَ أَنَّ جَمَاعَةً مُحْدِقُونَ بِهِ، فَقَعَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) عِنْدَ رَأْسِهِ، وَ قَالَ يَا سَيِّدُ! فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ[1] يَنْظُرُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) وَ لَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ وَ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَ عَيْنُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) وَ لَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ، وَ إِنَّا لَنَتَبَيَّنُ فِيهِ أَنَّهُ يُرِيدُ الْكَلَامَ وَ لَا يُمْكِنُهُ، فَرَأَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) حَرَّكَ شَفَتَيْهِ، فَنَطَقَ السَّيِّدُ فَقَالَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ أَ بِأَوْلِيَائِكَ يُفْعَلُ هَذَا! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَا سَيِّدُ قُلْ بِالْحَقِّ يَكْشِفُ اللَّهُ مَا بِكَ وَ يَرْحَمُكَ وَ يُدْخِلُكَ جَنَّتَهُ الَّتِي وَعَدَ أَوْلِيَائَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
تَجَعْفَرْتُ بِسْمِ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ.
فَلَمْ يَبْرَحْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) حَتَّى قَعَدَ السَّيِّدُ عَلَى اسْتِهِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) لَقِيَ السَّيِّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيَّ، فَقَالَ سَمَّتْكَ أُمُّكَ سَيِّداً وَ وُفِّقْتَ فِي ذَلِكَ وَ أَنْتَ سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ، ثُمَّ أَنْشَدَ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ:
وَ لَقَدْ عَجِبْتُ لِقَائِلٍ لِي مَرَّةً
عَلَامَةُ فَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ
سَمَّاكَ قَوْمُكَ سَيِّداً صَدَقُوا بِهِ
أَنْتَ الْمُوَفَّقُ سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ
[1]- عينه- خ.