أَرَدْتَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَنَّ فِي شِيعَتِكَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ قَالَ هُوَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ أَمَا إِنَّ حُمْرَانَ: فَحَرَفَكَ فَحِرْتَ لَهُ فَغَلَبَكَ بِلِسَانِهِ وَ سَأَلَكَ عَنْ حَرْفٍ مِنَ الْحَقِّ فَلَمْ تَعْرِفْهُ، وَ أَمَّا أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ: فَمَغَثَ[1] حَقّاً بِبَاطِلٍ فَغَلَبَكَ، وَ أَمَّا زُرَارَةُ: فَقَاسَكَ فَغَلَبَ قِيَاسُهُ قِيَاسَكَ، وَ أَمَّا الطَّيَّارُ: فَكَانَ كَالطَّيْرِ يَقَعُ وَ يَقُومُ وَ أَنْتَ كَالطَّيْرِ الْمَقْصُوصِ لَا نُهُوضَ لَكَ، وَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ: فَأَحْسَنَ أَنْ يَقَعَ[2] وَ يَطِيرَ، وَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ: فَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ فَمَا سَوَّغَكَ بِرِيقِكَ[3].
يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ ضِغْثاً مِنَ الْحَقِّ وَ ضِغْثاً مِنَ الْبَاطِلِ فَمَغَثَهُمَا ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا إِلَى النَّاسِ، ثُمَّ بَعَثَ أَنْبِيَاءَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فَفَرَّقَهَا الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ، وَ بَعَثَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ لِيُعَرِّفُوا ذَلِكَ وَ جَعَلَ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَ الْأَوْصِيَاءِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ مَنْ يُفَضِّلُ اللَّهُ وَ مَنْ يَخْتَصُّ، وَ لَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى حِدَةٍ وَ الْبَاطِلُ عَلَى حِدَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ بِشَأْنِهِ مَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى نَبِيٍّ وَ لَا وَصِيٍّ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَطَهُمَا وَ جَعَلَ تَفْرِيقَهُمَا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَئِمَّةِ (ع) مِنْ عِبَادِهِ! فَقَالَ الشَّامِيُّ:
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَالَسَكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) كَانَ يُجَالِسُهُ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ مِنْ عِنْدِ الْجَبَّارِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِكَ وَ عَلِّمْنِي! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَا هِشَامُ[4] عَلِّمْهُ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ تِلْمَاذاً لَكَ[5].
[1]- مغث أي خلط.
[2]- قام جبارا و يطير و يقع- خ.
[3]- سوّع: جعله سائغا هنيئا. و الريق: لعاب الفم.
[4]- المراد هو هشام بن الحكم.
[5]- تلميذا- خ.