هُمُ الغُيُوثُ إِذَا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ[1]
وَ الْأُسُدُ أُسُدُ الشَّرَى وَ النَّاسُ مُحْتَدِمٌ
يَأْبَى لَهُمْ أَنْ يَحُلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ
خِيمٌ كَرِيمُ وَ أَيْدٍ بِالنَّدَى هُضُمٌ[2]
لَا يَنْقُصُ الْعُسْرُ بَسْطاً مِنْ أَكُفِّهِمْ
سِيَّانِ ذَلِكَ إِنْ أَثْرَوْا[3] وَ إِنْ عَدِمُوا
أَيُّ الْخَلَائِقِ لَيْسَتْ فِي رِقَابِهِمْ
لِأَوَّلِيَّةِ هَذَا[4] أَوْ لَهُ نِعَمٌ
مَنْ يَعْرِفُ اللَّهَ يَعْرِفُ أَوَّلِيَّةَ ذَا
فَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الْأُمَمُ
قَالَ فَغَضِبَ هِشَامٌ وَ أَمَرَ بِحَبْسِ الْفَرَزْدَقِ فَحُبِسَ بِعُسْفَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (ع) فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَ قَالَ أَعْذِرْنَا يَا أَبَا فِرَاسٍ فَلَوْ كَانَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ هَذَا لَوَصَلْنَاكَ بِهِ، فَرَدَّهَا وَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا قُلْتُ الَّذِي قُلْتُ إِلَّا غَضَباً لِلَّهِ وَ لِرُسُلِهِ وَ مَا كُنْتُ لِأَرْزَي[5] عَلَيْهِ شَيْئاً، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَ قَالَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَّا قَبِلْتَهَا فَقَدْ رَأَى اللَّهُ مَكَانَكَ وَ عَلِمَ نِيَّتَكَ، فَقَبِلَهَا فَجَعَلَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو هِشَاماً وَ هُوَ فِي الْحَبْسِ فَكَانَ مِمَّا هَجَا بِهِ قَوْلُهُ:
أَ تَحْبِسُنِي[6] بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَ الَّتِي
إِلَيْهَا قُلُوبُ النَّاسِ يَهْوِي مُنِيبُهَا
تَقَلَّبَ[7] رَأْساً لَمْ يَكُنْ رَأْسُ سَيِّدٍ
وَ عَيْناً لَهُ حَوْلَاءَ بَادَ عُيُوبُهَا
[1]- الازمة بالفتح: الشدة و القحط. و الشرى بالفتح: مأسدة جانب الفرات.
و احتدم: اشتد حرارة و غيظا.
[2]- بضمتين جمع هضوم الذي يجود بمالديها. و الندى بالفتح: الجود.
[3]- اثرى: كثر ماله.
[4]- اى سابقيه و اجداده.
[5]- رزى فلانا: قبل بره، من باب ضرب.
[6]- يحبسنى- خ.
[7]- يقلب- خ.