بضميمة تفسيره « الدلو » بالمعتادة مع تعميمه إيّاها من حيث الصغر والكبر
صريح في ذلك كما يظهر بأدنى التفات.
نعم ، ربّما
يوهم خلاف ذلك عبارة الغنية والكافي لمكان احتمال كون « اللام » في البئر للعهد ،
غير أنّه مدفوع أيضا بظهوره في الجنس على ما هو وضعها الأصلي.
ودعوى أظهريّة
عبارة السرائر في ذلك بتقريب ما ذكر ، يدفعها : أنّ المراد بالشاذّة بقرينة
استثناء الصغار والكبار ما يشذّ اتّخاذ الدلو منها من جلود السباع ونحوها بعد
تذكيتها ، لكونها من الأفراد الغير المتداولة في العرف والعادة ، وعليه يكون
المراد بالصغار والكبار ما هو الخارج في الصغر والكبر عن حدّ الاعتدال ممّا يتّخذ
من الجلود المتعارف اتّخاذ الدلو منها ، لا ما يشذّ استعماله في تلك البئر ولو كان
ممّا يتّخذ من الجلود المتعارفة ممّا لا يكون صغيرا ولا كبيرا خارجا عن الاعتدال ،
وإلّا بطل إطلاق استثناء الصغار والكبار ، لكونه منافيا لجعل العبرة بالمعتاد على
تلك البئر لو فرض كون معتادها دلوا كبيرا أو صغيرا ، فإنّ هذا كلّه مضافا إلى أنّ
اعتبار المعتاد على تلك البئر خاصّة دعوى لا شاهد عليها ، بل تقييد لإطلاق « الدلو
» في الأخبار بلا موجب له من شاهد خارجي.
فإن
قلت : الشاهد له
التبادر العرفي ولو كان إطلاقيّا ، ألا ترى أنّه إذا أمر السيّد عبده بنزح دلاء من
بئر معيّن لكان المنساق منه نزحه بما يعتاد من الدلاء على تلك البئر.
قلت
: نمنع ذلك
التبادر من إطلاق اللفظ ، وإنّما المتبادر أوّلا الماهيّة الشاملة للمعتاد عليها
ولغيره ، ولمّا كان الأخذ بالماهيّة لا يتأتّى إلّا بأخذ مصداق لها فحصل الالتفات
إلى تعيين المصداق للأخذ به مقدّمة ، [فيلتفت] [١] الذهن إلى ذلك المعيّن المعتاد على تلك البئر ، ولذا لو
فرض أنّ العبد عدل عن استعمال هذا المعتاد واستعار دلوا آخر ممّا يعتاد على غير
تلك البئر كان ممتثلا لأمر السيّد جزما ، وإن كان قد يعدّ فعله هذا سفها إذا كان
صدر منه بلا حكمة دعت إليه كما لا يخفى.
فإن
قلت : القدر
المتيقّن المتّفق على حصول الامتثال به إنّما هو المعتاد على تلك البئر خاصّة.
قلت
: هذا يرجع إلى
مراعاة الاحتياط الّذي نمنع وجوبه بعد نهوض إطلاق اللفظ
[١] وفي المصدر : «
فيلفت » والصواب ما أثبتناه في المتن.