ولا شكّ أنّ المداخلة ممتنعة ، فالمعتبر إذن الاتّصال الموجود هنا » [١] ، وأنّ
الأجزاء الملاقية للطاهر يجب الحكم بطهارتها عملا بعموم ما دلّ على طهوريّة الماء
، فتطهّر الأجزاء الّتي يليها لذلك ، وكذا الكلام في بقيّة الأجزاء ، كما حكاه في
المدارك عن المحقّق والشهيد الثانيين ، قائلا : « بأنّ هذا اعتبار حسن نبّه عليه
المحقّق الشيخ عليّ في بعض فوائده ، وجدّي في روض الجنان » [٢] ، وفي أكثر ما
ذكر عن الطرفين نظر ، وإذ قد عرفت أنّ الحمّام لم يثبت له خصوصيّة بالنسبة إلى
مقام الرفع ، لكون الأخبار الواردة فيه ساكتة عن ذلك المقام ، فكيفيّة تطهير هذا
الماء كتطهير سائر المياه القليلة ، فتحقيق حاله بالقياس إلى اشتراط الامتزاج
وعدمه ، موكول إلى محلّه ، وسيلحقك البحث عن ذلك إن شاء الله.
المسألة
الثالثة : بناء على القول باشتراط الامتزاج
واشتراط كرّيّة المادّة في التطهير ، فهل يكتفى بكون المادّة مقدار الكرّ من غير
زيادة عليه ، أو يشترط
زيادتها بمقدار ما يحصل به الممازجة والغلبة؟ وكذا بناء على القول بكفاية الاتّصال
يجري الكلام في اشتراط الزيادة بمقدار ما ينحدر من الماء عن المادّة المتّصلة
بالحوض ، قولان ، اختار أوّلهما في المدارك [٣] ، وعن العلّامة في المنتهى [٤] ، التصريح في
مسألة الغديرين.
وحكى ثانيهما
عن ثاني الشهيدين تعليلا : « بأنّه لو كانت كرّا فقط لكان ورود شيء منها على
الحياض موجبا لخروجها عن الكرّيّة ، إذ المعتبر كرّيّة المادّة بعد الملاقاة فتقبل
الانفعال حينئذ » [٥] وعن صريح التحرير [٦] أيضا اختياره ، كما عن جامع المقاصد [٧] اختياره أيضا
استنادا بما ذكر عن الشهيد ، ولا يخفى ما فيه من الاعتبار الصرف ، والحكم تابع
للإجماع ، فإن ثبت إجماع فكيف ولم يثبت ، وإلّا كان كسائر المياه القليلة الّتي
تطهر بالكرّ.
واستدلّ على
القول الأوّل بقوله عليهالسلام : « ماء الحمّام كماء النهر ، يطهّر بعضه بعضا » [٨]